المنشورات
وجاريةٍ شعرها شطرها ... محكمةٍ نافذٍ أمرها
وهي من ثالث المتقارب.
الأحسن في الشعر فتح العين, ولا اختلاف أن تسكينها لغة. والكوفيون إذا كان في وسط الثلاثي حرف من حروف الحلق أجازوا فيها الوجهين إجازةً مطردةً, وأنشدوا قول الراجز: [الرجز]
أتبعته إياهما في السهل ... حتى إذا مازنأا في الجبل
أزنأته فيه ولما أبل
وشطر الشيء نصفه, وجعلها محكمةً؛ لأنها أحضرت في المجلس على هيئةٍ أراد بعض الجلساء أن يمتحن بها أبا الطيب؛ لأنه كان لا يحدث أمر في المجلس إلا نظم فيه شعرًا, فظن أنه يعمله قبل الحضور, فجاءت وفي يديها طاقة من ريحانٍ تدار, فإذا وقفت حذاء إنسان شرب, فوضعها الغلام من يده ونقرها فدارت وكانت على لولبٍ.
وقوله:
تدار وفي يدها طاقة ... تضمنها مكرهًا شبرها
يقال: طاقة من ريحانٍ إذا كانت مفردةً ليس معها غيرها, وكذلك طاقة من غزلٍ, والشبر ما بين طرف الإبهام وطرف الخنصر إذا مدت الأصابع, وأصحاب اللغة يذكرون أشياء في الفرج التي بين الأصابع, فيقولون: ما بين الإبهام والسبابة فتر, ثم يختلفون بعد ذلك فيقولون ما بين السبابة والوسطى عتب, وما بين الوسطى والبنصر رتب, وما بين البنصر والخنصر بصم, وربما قالوا: بصر, ويختلفون في ترتيب هذه الأسماء الثلاثة, وبعضهم يقول: هو الرتب, بتحريك التاء, وقد أنشدوا شعرًا يجوز أن يكون مصنوعًا, وهو: [الطويل]
فمالكم فتر إذا ذكر الندى ... ولا لكم عتب ولا لكم رتب
ولا لكم بصم ولا لكم يد ... ولا أنتم عجم ولا أنتم عرب
وحدث عبد العزيز بن المبارك البهراني أنه لقي أبا أسامة جنادة بن محمدٍ الهروي اللغوي الذي قتله الحاكم بحلب سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة, وجرى ذكر الرتب عنده فقال: هو بتحريك التاء, فأنشده عبد العزيز هذين البيتين فرجع إلى قوله, وهو موجود في الكتب القديمة بالتحريك, وقد ذكر قطرب في كتاب الخيل ما يدل على أنه بالتسكين, ولا يمتنع أن يقال في القافية: ولا لكم رتب, ويقال في البيت الثاني: ولا أنتم عرب, ويجوز أن يكونوا قد نطقوا بالوجهين.
مصادر و المراجع :
١- اللامع العزيزي شرح
ديوان المتنبي
المؤلف: أبو
العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)
المحقق: محمد
سعيد المولوي
الناشر: مركز
الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
الطبعة: الأولى،
1429 هـ - 2008 م
20 أبريل 2024
تعليقات (0)