المنشورات

بسيطة مهلًا سقيت القطارا ... تركت عيون عبيدي حيارى

وهي من أول المتقارب.
ينبغي أن تفتح الراء في حيارى لتكون مشاكلةً للراء في قوله قطارا فإن أمالها مميل فقد أساء. وسيبويه يزعم أن الألف هي التي تفخم وتمال. والفراء يذكر أن الإمالة للحرف الذي قبل الألف, وقول الفراء أشبه. ومن اعتبر ذلك وجده على ما قال؛ لأن الألف جرس لا يحتمل أن يقع به تغيير. وحيارى: جمع حيرانٍ؛ لأن فعلان يجيء على هذا الجمع كثيرًا مثل سكران وسكارى, ونشوان ونشاوى, وبعض العرب يقول: سكارى, فإن كان ذلك مردودًا إلى السماع فهو محمول عليه, وإن كان مطردًا فلا يمتنع أن يستعمل في كل الجموع الواردة على هذا النهج, فيقال: حيارى, كما يقال: غيران وغيارى, وقد كثرت فعالى في هذا النحو, قال الضبي: [الطويل]
كسالى إذا لاقيتهم غير منطقٍ ... يلهى به المكروب فهو عناء
وقوله:
فظنوا النعام عليك النخيل ... وظنوا الصوار عليك المنارا
يقول: إن عبيده ظنوا بسيطة بلدًا مسكونًا, فلما رأوا النعام على بعد مدًى ظنوا أنه نحيل, وحسبوا أن الصوار وهو القطيع من بقر الوحش منار يهتدى به. يقال: صوار وصوار وصيار, ويقال في الجمع: صيران, قال الشاعر: [البسيط]
أشبهن من بقر الخلصاء أعينها ... وهن أحسن من صيرانها صورا
يروى: صور وصور, بالكسر والضم.
ويقال: إن مرابض بقر الوحش إذا رعت الزهر فاحت لها رائحة ذكية, قال ذو الرمة: [البسيط]
إذا استهلت عليها غيبة أرجت ... مرابض العين حتى يأرج الخشب
وقال العجاج وذكر الثور الوحشي: [الرجز]
كأن ريح بيته المزبور
كأنه جعل الثور كمن زبر بيته, مأخوذ من زبر البئر, وهو طيها بالحجارة.
في الظل تحت الهدب اليخضور
مثواة عطارين بالعطور
أهضامها والمسك والقفور
فلما كان الأمر كذلك سموا المسك صوارًا, وينشد:
إذا لاح الصوار ذكرت ليلى ... وأذكرها إذا فاح الصوار
وقيل: الصوار: القليل من المسك. قال الراجز, أنشده المفضل بن سلمة في «كتاب الطيب»:
يابن التي تصيد الوبارا
وتتفل العنبر والصوارا
وقال بعضهم: الصوار: أن يكف الثوب على مسكٍ, فلا يزال طيب الرائحة إلى أن يخلق, وقالوا في جمعه: أصورة, قال الأعشى: [البسيط]
إذا تقوم يضوع المسك أصورةٍ ... والعنبر الورد من أردانها شمل
وقوله:
فأمسك صحبي بأكوارهم ... وقد قصد الضحك فيهم وجارا
الذي أصله النحويون يوجب أن يجوز في الضحك أربعة أوجهٍ: ضحك, وضحك, وضحك. فأما الضحك, بفتح الضاد, وسكون الحاء, فيستعمل في معنى طلع النخل أول ما يبدو, وقيل: إن البلح يسمى ضحكًا, ويقال للعسل الأبيض: ضحك, قال أبو ذؤيب:
فجاء بمزحٍ لم ير الناس مثله ... هو الضحك إلا أنه عمل النحل
وقد قصد الضحك: أي: قد ضحكوا ضحكًا فيه اقتصاد, ثم أسرفوا في ذلك.











مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید