المنشورات
شوقي إليك نفى لذيذ هجوعي ... فارقتني وأقام بين ضلوعي
وهي من ثاني الكامل في قول الخليل, ومن ضروب السحل الثالث في قول غيره.
قوله:
أو ما وجدتم في الصراة ملوحةً ... مما أرقرق في الفرات دموعي
أصل الصراة والصرى: الماء المستنقع, وقيل لجمتع الفرات ودجلة ببغداد: الصراة, من ذلك قال الراجز:
تشرب ما في جانب المقراة ... ما بقي في الحوض من الصراة
وقال آخر: [الرجز]
من كل حمراء شروب للصرى ... ما بقي منه في الحياض أكدرا
لا يقشعر كشحها من العرا ... ولا تطوف في الجليد الحجرا
ومن قطعة تنسب إلى أبي الطيب وهي ضعيفة جدًا.
وقد كان في زمانه قوم يشبهون كلامهم بكلامه, فيجوز أن تكون هذه مما عملوه. وهي من ثاني الطويل على ري الخليل, ومن أول السحل الأول على ري غيره, وألها:
قطعت بسيري كل يهماء مفزع ... وجبت بخيلي كل صرماء بلقع
(113/أ) اليهماء: الأرض التي لا يهتدى بها, وقيل للجبل الذي لا يقدر على طلوعه: أيهم, ومن ذلك قولهم: الأيهمان, وجاء في الحديث: «نعوذ بالله من شر الأيهمين» وهما في البادية: السيل والفحل الهائج, وفي الحاضرة: السيل والحريق. والمعنى أنهما لا يدرى كيف يدفعان, ولم يستعمل المصدر من هذه الكلمة, لم يقولوا: اليهم, كما قالوا: الفعل في مصدر أفعل مثل الكمه في الأكمه, والعور في الأعور. ويقال: أرض مفزع, فإذا أرادوا المبالغة قالوا: مفزعة, وكثر استعمالهم الهاء إذا أرادوا هذا الوجه, فقالوا: بلاد مذأبة, وأرض مسبعة ومأسدة, ونحو ذلك, قال الراجز: [الرجز]
يا معطي الخير الكثير من سعه ... إليك جاوزنا بلادًا مسبعه
والصرماء: الأرض المنصرمة من الناس, ويقال: هي التي لا ماء فيها, ومن ذلك قيل للذئب والغراب: الأصرمان, قال الشاعر: [الوافر]
على صرماء فيها أصرماها ... وخريت الفلاة بها مليل
وقوله:
وفارقت مصرًا والأسيود عينه ... حذار مسيري تستهل بأدمع
أصل الاستهلال: في المطر؛ وذلك أن يسمع له وقع, ويقال: استهل السحاب, ثم استعير في الدمع لأنهم إذا وصفوه بالغزارة شبهوه بالمطر. قال النابغة:
ولما استهلت بالنسار سحابة ... تشبهها رجل الجراد من النبل
وقالوا: استهل الطفل, إذا صاح حين يولد.
وقوله:
ألم يفهم الخنثى مقالي وأنني ... أفارق من أقلي بقلبٍ مشيع
الخنثى: مأخوذ من الانحناث, وهو الضعف والتكسر, وألف الفعلى لا تكون إلا للتأنيث عندهم, وهذه الكلمة في الكلام كصاحبها في الإنس, لأنها تقع على من أمره مشكل؛ فإذا صح أنه امرأة فالألف للتأنيث, وإذا حكم أنه رجل فقد استعملت الفعلى للمذكر, ولو سمي رجل بخنثى أو امرأة وجب ألا تنون في النكرة, وكانت لعمرو بن عمرو ابن عدس فرس منثى لها ما للفحل وللإناث, وعليها نجا في يوم جبلة.
مصادر و المراجع :
١- اللامع العزيزي شرح
ديوان المتنبي
المؤلف: أبو
العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)
المحقق: محمد
سعيد المولوي
الناشر: مركز
الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
الطبعة: الأولى،
1429 هـ - 2008 م
20 أبريل 2024
تعليقات (0)