المنشورات
محبي قيامي ما لذلكم النصل ... بريئًا من الجرحى سليمًا من القتل
الوزن من أول الطويل.
محبي: نصب على النداء؛ أي يا محبي قيامي, ويعني بقيامه نهوضه في التماس ما يريد؛ يقال: قام الملك في أمر كذا, ومن ذلك قولهم: كان كذا من قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي من قبل أن يظهر الدعوة إلى الإسلام, قال الشاعر: [الطويل]
تبغ ابن كوزٍ في سوانا فإننا ... غذا الناس مذ قام النبي الجواريا
وقال الشاعر: [الطويل]
إذا مات منا سيد قام سيد ... قؤول لما قال الكرام فعول
ويعني بالنصل سيفه؛ كأنه يسألهم: ما له بريئًا من الجرحى سليمًا من القتل؛ كأنه يقول لمحبي قيامه: ما لكم لا تجتمعون إلي تنصروني فأقتل وأجرح ويختضب سيفي بالدم.
وقوله:
وخضرة ثوب العيش في الخضرة التي ... أرتك احمرار الموت في مدرج النمل السيف يوصف بالخضرة, وأنشد بعض الأعراب: [الطويل]
وأشعث يا أم الوليد فليته ... وأشعث يا أم الوليد فلانيا
بأخضر يا أم الوليد فليته ... بأخضر يا أم الوليد فلانيا
بكفي يا أم الوليد فليته ... بكفيه يا أم الوليد فلانيا
السيوف توصف بأن في صفاحها آثار الذر وآثار النمل, قال الشاعر: [الكامل]
ومهندًا عضبًا مضاربه ... في صفحه كمدبة النمل
وقال الراجز: [الرجز]
كأن فوق متنه مسرى دبا ... فردٍ سرى فوق نقًا غب صبا
كأنه عني مدب جرادةٍ صغيرة أول ما تخرج من السر أي بيض الجراد. يقول: سيفي يريك احمرار الموت في مدرج النمل. ويجوز أن يقول: إنك إذا نظرت إلى مدرج النمل فيه أراك احمرار الموت وإن لم تكن ثم حمرة. ويحتمل أن يعني أنه قد جرح فصار الدم في مدرج النمل.
أمط عنك تشبيهي بما وكأنه ... فما أحد فوقي ولا أحد مثلي
أمط في معنى: أزل, يقول: أمط عنك تشبيهي بأن يقول: كأنه الأسد, وكأنما هو الليث؛ أي إني فرد لا يشابهني شيء من الأشياء.
وقوله:
وذرني وإياه وطرفي وذابلي ... نكن واحدًا يلقى الردى وانظرن فعلي
(172/أ) الهاء في إياه راجعة إلى النصل المذكور في البيت الأول. يقول: ذرني وسيفي وطرفي ورمحي نتعاون على ما أريد؛ فنكون كالواحد؛ أي إن الطرف أصرفه كيف شئت لاقتداري على ذلك, والسيف والرمح لا يخالفاني فيما أريد؛ فكأنني وهذه الأشياء واحد. وقله: ذرني كلمة شاذة استعملت في الأمر والمستقبل فقيل: هو يذر كذا وكذا. وقالوا في الأمر: ذرني للواحد, وذراني للاثنين, وذروني للجميع, وذريني للمرأة, قال ابن الدمينة: [الطويل]
خليلي كفا الألسن العوج واعلما ... من العلم ألا هل بي فذراني
وقال حاتم الطائي: [الطويل]
ذريني ومالي إن مالك وافر ... وكل امرئٍ جارٍ على ما تعودا
وأصحاب الرواية يقولون: إن العرب لم تقل: واذر, وقد روي في كلام قديم: تراك وذار. فأما ودع في معنى ترك؛ فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {ما ودعك ربك وما قلى} أي ما تركك ربك. قال أبو الأسود الدؤلي: [الرمل]
ليت شعري عن خليلي ما الذي ... غاله في الود حتى ودعه
وقافيتها من المتواتر.
مصادر و المراجع :
١- اللامع العزيزي شرح
ديوان المتنبي
المؤلف: أبو
العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)
المحقق: محمد
سعيد المولوي
الناشر: مركز
الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
الطبعة: الأولى،
1429 هـ - 2008 م
21 أبريل 2024
تعليقات (0)