المنشورات
لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
الوزن من البسيط الثاني.
خاطب نفسه وكأنه يخاطب غيره, وذلك كثير في أشعار المتقدمين والمحدثين, قال النابغة: [الطويل]
أهاجك من سعداك ربع المنازل ... ببرقة نعمي فروض الأجادل
فقال: سعداك وإنما يخاطب نفسه, وكذلك قول الراعي: [الكامل]
ما بال دفك بالفراش مذيلا ... أقذًى بعينك أم أردت رحيلا
يقول: فإن لم يكن لك مال ولا خيل فليسعد نطقك إذ لم تسعد حالك.
وقوله:
واجز الأمير الذي نعماه فاجئة ... بغير قولٍ ونعمى الناس أقوال
إذا ضمت النون من النعمى فهي مقصورة, وهي ممدودة مع الفتح. يقول: هذا الأمير نعماه تفجأ؛ أي تجيء بغير وعد يتقدمها, ونعمى الناس غيره وعود لا يحصل منها إلا قول لا يتبعه فعل.
وقوله:
فربما جزت الإحسان موليه ... خريدة من عذارى الحي مكسال
يحث نفسه على جزاء الأمير. يقول: إذا كانت الخريدة وهي الحيية من النساء ربما جزت الإحسان موليه إياها, وهي مع ذلك مكسال أي كثيرة الكسل, فأنت لا عذر لك في جزاء ما أهدي إليك.
وقوله:
فإن لم تكن محكمات الشكل تمنعني ... ظهور جريٍ فلي فيهن تصهال
يقول: إن كنت لا أقدر علي المكافأة من قود الخيل وحمل الأموال؛ لأن شكلي محكمة فهي تمنعني من ظهور الجري - والشكل: جمع شكالٍ وهو ما يشكل به الفرس - فلي ثناء يظهر. وجعل التصهال مثلًا لثنائه على الممدوح.
وقوله (173/أ):
وما شكرت لأن المال فرحني ... سيان عندي إكثار وإقلال
يدعي أن شكره ليس لأنه فرح بالمال, وهذه دعوى لا تصح.
وقوله:
لكن رأيت قبيحًا أن يجاد لنا ... وأننا بقضاء الحق بخال
يقول: ما شكري لأني فرحت بالصلة, لكني رأيت قبيحًا أن يجاد لي وأكرم, وأنا باخل بالجزاء.
وبخال: جمع باخل, وجمع بخيل بخلاء. وقال في البيت الذي قبله: ما فرحت, وقال في هذا البيت: أن يجاد لنا وأخبر عن جماعة؛ ولو أمكنه الوزن لكان الإحراء على التوحيد أشبه.
وقوله:
فكنت منبت روض الحزن باكره ... غيث لغير سباخ الأرض هطال
قال في البيت الأول: وما فرحت وما شكرت, وقال في البيت الذي بعده: أن يجاد لنا, واحتاج في هذا البيت إلى أن يقول: فكنت منبت روض الحزن: شبه نفسه به.
ويقال: إن الروضة بالحزن أحسن منها بالسهل؛ وذلك أن رعيها يتعذر فلا تطؤها الماشية. والروضة إذا كانت بالسهل كان السوام على رعيها أقدر منه على الروضة إذا كانت بالحزن, وذلك يتردد في الشعر, قال الأعشى: [البسيط]
ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها واكف هطل
وقيل: إن الحزن في بيت الأعشى موضع بعينه وليس ذلك بممتنع, قال كثير: [الطويل]
فما روضة بالحزن طيبة الثرى ... يمج الندى جثجاثها وعرارها
فقال الشاعر: أنا كمنبت روض الحزن بكر علي الغيث فهطل بأرضٍ غير سبخةٍ؛ لأن السبخة أرض فيها ملوحة فهي لا تنبت إذا جادها الغيث.
وسئل بعض الأعراب عن الأرض السبخة فقال: هي التي لا ييبس ثراها, ولا ينبت مراعاها, أي: إن الغيث وإن كثر جوده لها فإنها لا تنبت؛ إلا أن ثراها لا يزال نديًا فلا منفعة فيه.
وقوله:
غيث يبين للنظار موقعه ... أن الغيوث بما تأتيه جهال
يعني بالغيث: الممدوح وعطاءه. أي: إنه قد وضع الصنيعة في موضعها فبين للناس موقعه أن الغيوث جهال لا تشعر بما تفعل. وإنما ضرب الغيوث مثلًا للملوك؛ أي هذا الرجل علم أني مستحق للعطية فوضعها عندي وجهل ذلك سواه.
وقوله:
لا يدرك المجد إلا سيد فطن ... لما يشق على السادات فعال
يقول: هذا الممدوح له فطنة في الكرم ليست لسواه؛ وكل ذلك تعريض بمن يمكنه أن يعطيه شيئًا وهو لا يفعل. يقال: فطنة وفطنة, والمثل السائر: «البطنة تذهب الفطنة».
وقوله:
لا وارث جهلت يمناه ما وهبت ... ولا كسوب بغير السيف سئال
يقول: لا يدرك المجد إلا سيد يشق على الناس أن يفعلوا فعله؛ لا وارث ورث ماله فهو لم يتعب في جمعه, ولا صاحب مالٍ كسبه بغير السيف.
وقوله:
قال الزمان له قولًا فأفهمه ... إن الزمان على الإمساك عذال
الهاء في أفهمه وله عائدة على الكسوب بالسيف. والمراد: أن أكرم الناس هو الذي يتعب في جمع المال, ويطلبه باليسف ثم يهبه بعد ذلك.
وقوله:
تدري القناة إذا اهتزت براحته ... أن الشقي بها خيل وأبطال
ادعى للقناة الدراية بما يفعله الفارس الذي هو معه, وهذا مدح للقناة وليس للفارس به فضيلة, ولكن من المبالغة التي تستحسنها الشعراء.
وقوله:
كفاتكٍ ودخول الكاف منقصة ... كالشمس قلت وما للشمس أمثال
يقول: لا يدرك المجد إلا رجل صفاته هذه التي ذكرت, ثم شبهه بفاتك, ثم استدرك ذلك فقال: ودخول الكاف منقصة؛ لأني إذا قلت: مثل فلان فقد جعلت له مثلًا؛ وإنما ذلك مجاز وتوسع, كما أني أقول إذا شبهت الشيء المستحسن على الظاهر: هو كالشمس وليس للشمس أمثال.
وقوله:
القائد الأسد غذتها براثنه ... بمثلها من عداه وهي أشبال
يقول: هذا الممدوح يقود الأسود التي غذتها براثنه بأسدٍ مثلها من أعاديه وهي أطفال, وإنما يعني (173/ب) عبيدًا للممدوح غذاهم في حال صغرهم إلى أن صاروا بعد حال الأشبال إلى حال الأسد فحاربوا معه الأعداء. وبراثن الأسد له مثل الأظفار لابن آدم.
وقوله:
القاتل السيف في جسم القتيل به ... وللسيوف كما للناس آجال
يقول: هذا الممدوح إذا ضرب الفارس قتله, وحطم السيف في جسده؛ فكأن السيف مقتول, وقد مضى نحو من ذلك.
وقوله:
تغير منه على الغارات هيبته ... وماله في أقاصي البر أهمال
الأهمال: جمع هملٍ, وهو المال الذي لا راعي له. وقوله: تغير منه على الغارات هيبته يحتمل وجهين: أحدهما أن هيبته تغير على غارات عدوه على ماله فتمنعهم من أن يغيروا فماله همل, والآخر أن يريد أن هيبته تغير على غاراته, فهو لا يحتاج إلى أن يغير.
وقوله:
له من الوحش ما اختارت أسنته ... عير وهيق وخنساء وذيال
العير هاهنا: العير الوحشي, وقد ذكر في الأمثال كقولهم: «لا تكن أدنى العيرين إلى السهم» , و «العير أوقى لدمه» , و «الجحش إذا فاتك الأعيار»؛ فهذه الأمثال لعير الوحش. فأما قولهم: «إن هلك عير فعير في الرباط» , فالمراد به عير الأهل؛ أي إن هلك عير لك فعندك عير يقوم مقامه. وقالوا: «كالعير عاره وتده»؛ يعنون الحمار الأهلي؛ والمعنى يراد به أن بعض أصحاب الرجل جنى عليه, فأما قول اليشكري: [الخفيف]
زعموةا أن كل من ضرب العيـ ... ـر موالٍ لنا وأنى الولاء
فقد اختلفت فيه؛ فقيل معناه: كل من ساق حمارًا, وقيل: إنما عنى إيادًا لأنهم كانوا أصحاب حمير. وقيل: العير اسم جبلٍ, وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم «حرم من عير إلى ثور» , ولا يحتمل أن يكون الشاعر أراده لأن هذه لا تدل عليه وهو في الحديث نكرة, وفي البيت بالألف واللام.
وقيل: أراد بالعير عير الوتد وهو ما نتأ في وسطه, ويجوز أن يحمل هذا القول على أنه أراد الوتد فكنى عنه بالعير لما لم يستقم له الشعر. وقيل: أراد بالعير عير الكتف وهو الناتئ في وسطها؛ أي كل من حمل على كتفه شيئًا أو ضرب كتف غيره في الهزيمة. وقيل: أراد بالعير السيد لأن السادة طال ما أصيبوا بالقتل. وقيل: أراد بالعير كليب وائلٍ لأنه كان سيدًا؛ وإنما حمله على هذا القول أنهم سمعوا هذا البيت: [الوافر]
كليت العير كان أقل ذنبًا ... غداة يسومنا بالفتكرين
الفتكرين: الداهية. وقيل: أراد بالعير الناتئ من عين الإنسان؛ أي كل من مسح عينه وأمسكها بيده. وقولهم: فعله قبل عيرٍ وما جرى, يجوز أن يعني حمار الوحش, وجريه عدوه. ويحتمل أن يعني عير العين ويكون جريه سيلانه بالدمع, وقد مضى القول في قول امرئ القيس:
وواد كجوف العير
أنه أراد رجلًا يقال له: حمار فلم يستقم له الشعر فعدل إلى العير.
والهيق: ذكر النعام والأنثى هيقة. والخنساء: بقرة الوحش؛ سميت بذلك لصغر أنفها وخنوسه في وجهها. وصرفها في هذا الموضع, وصرف فعلاء قليل جدًا, ولو لم يصرف لدخل البيت زحاف قبيح في الغريزة. وذيال: ثور وحشي سمي ذيالًا لطول ذنبه.
وقوله:
تمسي الضيوف مشهاةً بعقوته ... كأن أوقاتها في الطيب آصال
مشهاةً أي يقال لهم: ما تشتهون؟ وعقوة الدار: فناؤها. وآصال: جمع أصيل مثل قولهم: يتيم وأيتام. والأصيل: آخر النهار وإنما يستطاب في شدة الحر؛ لأن الهواء يصلح في آخر النهار, وهذا نحو من قول الطائي: [الكامل]
أيامنا مصقولة أطرافها ... بك والليالي كلها أسحار
وقوله:
لو اشتهت لحم قاريها لبادرها ... خراذل منه في الشيزي وأوصال
قاريها: الذي يقريها من قرى الضيف. والخراذل: بالذال والدال: قطع اللحم, وينشد لأيوب بن عبيد العنبري وكان أحد اللصوص: [الطويل]
وإني وهجري الإنس من بعد حبهم ... وتركي من قد كنت ما إن أزايله
لكالصقر جلى بعدما صاد فتيةً ... قديرًا ومشويًا عبيطًا خراذله
يقال: صاد القوم وصاد لهم. والشيزى: خشب تعمل منه الجفان, والأوصال: جمع وصلٍ وهو العضو.
وقوله:
لا يعرف الرزء في مالٍ ولا ولدٍ ... إلا إذا حفز الأضياف ترحال
يقال: حفزه إذا دفعه, وإذا أعجله. والمعنى أن هذا الممدح يعد رحيل الضيف رزيةً, وهذه مبالغة تخرج إلى غير الحق؛ لأن رحيل الضيف منفعة له إذا كان مسافرًا, وإنما يعبر بالمضيف كالمجتاز, واجتيازه ألا يتلبث عن طريقه (174/أ) فزعم أن هذا المذكور لا يعرف الرزء في المال ولا الوالد إلا إذا الضيف حفزه الرحيل.
وفي الأخبار التي رواها بعض الناس, وهي جديرة بالكذب, أن معد بن عدنان نزل به أضياف في سنةٍ مجدبةٍ فذبح لها ولدًا كان له وقال: [الرجز]
نعم إدام الجار والرفيق ... لحم غلامٍ ماجدٍ عريق
يلت بالأحساب لا السويق
وقوله:
يروي صدى الأرض من فضلات ما شربواة ... محض اللقاح وصافي اللون سلسال
سكن الضاد في فلات وتحريكها أجود, وتلك ضرورة. وادعى أن الأرض العطشى يرويها من فضلات ضيوفه محض اللقاح أي لبنها الخالص. واللقاح: جمع لقوح, ويجوز أن يكون جمع لقحةٍ وهي التي تنتج فهي لقوح شهرين أو ثلاثة, ثم هي بعد ذلك لبون.
وصافي اللون سلسال أي: خمر, ويروي فعل محض اللقاح.
وقوله:
تقري صوارمه الساعات عبط دم ... كأنما الساع نزال وقفال
يقول: كلما أتته ساعة عبط فيها دمًا في حرب أو قرى ضيف. ويقال: عبط الدم إذا نحر أو ذبح من غير علة, ومات الشاب عبطةً أي لم يئن له أن يموت, قال قطري بن الفجاءة: [الوافر]
ومن لا يعتبط يهرم ويسأم ... وتفض به المنون إلى انقطاع
والساع: جمع ساعة, كما قالوا: نخلة ونخل, وتمرة وتمر, قال القطامي: [الوافر]
وكنا كالحريق أصاب غابًا ... فيخبو ساعةً ويهب ساعا
وقوله:
تجري النفوس حواليه مخلطةً ... منها عداة وأغنام وأبآل
يقول: الدماء حوالي هذا الرجل؛ لأنه يقتل الأعداء, والإبل تنحر لضيوفه, والغنم تذبح فيختلط دم بدمٍ.
وقوله:
أمضى الفريقين في أقرانه ظبةً ... والبيض هادية والسمر ضلال
ظبة السيف: حده. والبيض هادية؛ أي يهتدى بها في ظلمة النقع لأن النهار قد استتر بالغبار, وهذا نحو من قول البحتري: [الخفيف]
مد ليلًا على الكماة فما يمـ ... ـشون فيه إلا بضوء السيوف
واستعار الضلال للرماح, وهو يحتمل أنها قد تغيبت في النقع؛ فهي كالضالة فيه من قوله تعالى: {أئذا ضللنا في الأرض} , ويمكن أن يعني بقوله: ضلال أي إنها لا يطعن بها؛ أي إن القوم قد دنا بعضهم من بعضٍ فهم يتضاربون بالسيوف فكأن الرماح ضالة طريقها.
وقوله:
يريك مخبره أضعاف منظره ... بين الرجال وفيها الماء والآل
يقول: هذا الرجل إذا نظرت إليه هالك منظره, فإذا خبرته علمت أن مخبره أضعاف لمنظره, والرجال غيره فيها الماء اولآل؛ أي فيهم من له نفع وفيهم من لا نفع له؛ فمنهم من يرى كالماء, فيكون فيه خير, ومنهم من يظن ماء فيكون آلًا أي سرابًا.
وقوله:
وقد يلقبه المجنون حاسده ... إذا اختلطن وبعض العقل عقال
اختلطن: يجوز أن يعني بها الخيل أو السيوف أو الرماح, والعقال: داء يصيب الخيل فلا تجري في أول الأمر ثم تجري بعد ذلك. يقول: بعض العقل عقال؛ أي يمنع صاحبه التهجم على الحرب.
وقوله:
إذا العدى نشبت فيهم مخالبه ... لم يجتمع لهم حلم وريبال
يقول: إذا نشبت مخالبه [في] العدى لم يجتمع لهم حلم وريبال. وقد مضى القول في الريبال وأنه الأسد؛ أي إنه لا يحلم عنهم في ذلك الوقت لأن الأسد لا يحلم عن الفريسة.
وقوله:
يروعهم منه دهر صرفه أبدًا ... مجاهر وصروف الدهر تغتال
جعل الممدوح دهرًا يغول الأعداء جهارًا. وصروف الدهر تغتال؛ أي تجيئهم وهم لا يعلمون بها وهذا يطرقهم وهم يعلمون.
وقوله:
أناله الشرف الأعلى تقدمه ... فما الذي بتوقي ما أتى نالوا
يقول: أناله الشرف تقدمه في الحرب, فما الذي نال أعداؤه بتوقي الإقدام, إذ كان لا ينيلهم زيادة مالٍ ولا عمر.
وقوله:
إذا الملوك تحلت كان حليته ... مهند وأصم الكعب عسال
في كان ضمير يعود إلى الممدوح, وحليته ابتداء ومهند خبر. ولا ينبغي أن تنصب حليته لأنها خبر مقدم, فيرفع مهند لأنه اسم كان؛ لأن ذلك يؤدي إلى ضرورةٍ إن صار الخبر معرفةً والاسم نكرةً.
وقوله (174/):
تملك الحمد حتى ما لمفتخرٍ ... في الحمد حاء ولا ميم ولا دال
يريد أن الحمد كله منصرف إليه فليس لأحد جزء منه.
وقوله:
عليه منه سرابيل مضاعفة ... وقد كفاه من الماذي سربال
يقول: على هذا الممدوح سرابيل من الحمد كثيرة, وقد كفاه سربال واحد من الماذي؛ يقال: درع ماذية؛ قيل: هي البيضاء, وقيل: هي اللينة.
وقوله:
وكيف أستر ما أوليت من حسنٍ ... وقد غمرت نوالًا أيها النال
يقال: رجلنال أي كثير النوال, كما يقال: طائر راش أي كثير الريش, ويوم طان أي كثير الطين, وحمار صات أي كثير الصوت, قال النظار الأسدي: [الرجز]
كأنني فوق أقب سهوقٍ ... جأبٍ إذا عشر صات الإرنان
وقوله:
وقد أطال ثنائي طول لابسه ... إن الثناء على التنبال تنبال
العرب تصف الرجل بالطول, ولذلك قال الأعشى: [المتقارب]
وإن معاوية الأكرمين ... حسان الوجوه طوال الأمم
أي القامات. وصف الممدوح بالطول وزعم أن الثناء على التنبال, وهو القصير, تنبال مثله, وأن ثناءه طال لطول من أثنى عليه.
وقوله:
إن كنت تكبر أن تختال في بشرٍ ... فإن قدرك في الأقدار يختال
يقال: اختال الرجل إذا بانت الخيلاء في مشيه. يقول: إن كنت لتواضعك وفضلك لا تختال في البشر؛ فإن قدرك يختال في أقدارهم من حيث لا تعلم.
وقوله:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والإقدام قتال
يقول: لولا أن المجد والسيادة يصعبان لساد الناس أجمعون. ثم ذكر ما يمنع من السيادة وهو الجبن والبخل, فقال: الجود يفقر والإقدام قتال, وقد وصفت الشعراء أن الأخلاق الشريفة تتعذر على الناس, قال الشاعر: [البسيط]
يا أيها المتمني أن يكون فتًى ... مثل ابن زيدٍ لقد خلى لك السبلا
اعدد نظائر أخلاقٍ عددن له ... هل سب من أحدٍ أو سب أو بخلا
وبيت أبي الطيب مثل بيت الطائي وهو قوله: [الخفيف]
فعلمنا أن ليس إلا بشق النفـ ... ـس صار الكريم يدعى كريما
وقوله:
وإنما يبلغ الإنسان طاقته ... ما كل ماشيةٍ بالرجل شملال
يقال: ناقة شملال أي حسنة المشي سريعة, وأكثر ما يستعمل في النوق, قال الراجز: [الرجز]
وقد أقود بالكرام الأزوال ... مشمرًا بذات لوثٍ شملال
وبعض الناس يروي قول امرئ القيس: [الطويل]
كأني بفتخاء الجناحين لقوةٍ ... على عجلٍ منها أطأطئ شملالي
وقافيتها من المتواتر.
مصادر و المراجع :
١- اللامع العزيزي شرح
ديوان المتنبي
المؤلف: أبو
العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)
المحقق: محمد
سعيد المولوي
الناشر: مركز
الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
الطبعة: الأولى،
1429 هـ - 2008 م
21 أبريل 2024
تعليقات (0)