المنشورات

على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم

الوزن من ثاني الطويل.
يقول: إن الرجل تكون عزيمته على مقداره, وكذلك مكارمه؛ فإن كان كريمًا في نفسه فمكارمه على حسب ما هو عليه.
وقوله:
وتعظم في عين الصغير صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائم
الهاء في صغارها ترجع على العزائم أو المكارم, ويحتمل أن ترجع إلى الجميع.
وقوله:
يكلف سيف الدولة الجيش همه ... وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم
أصل الخضرم في الماء. يقال: ماء خضرم؛ أي كثير, ورجل خضرم؛ أي كثير العطاء, وإذا وصف الجيش بذلك فإنما يراد به الكثرة. ويقال: إن العجاج لقي جريرًا, فقال جرير: أين تريد؟ فقال: اليمامة, فقال: تجد بها نبيذًا خضرمًا؛ أي كثيرًا. وقال الفرزدق: [الطويل]
فإن حرامًا أن أسب مقاعسًا ... بآبائي الشم الكرام الخضارم
وقوله:
ويطلب عند الناس ما عند نفسه ... وذلك ما لا تدعيه الضراغم
يقول: سيف الدولة يريد أن يكون الناس غيره مثله في الشجاعة, وذلك ما لا تدعيه الأسد؛ أي لا تدعي أنها مثله في الشجاعة.
وقوله:
تفدي أتم الطير عمرًا سلاحه ... نسور الملا أحداثها والقشاعم
يعني بأتم الطير عمرًا: النسور. وبعض الناس يدعي أنه يعمر خمس مئة سنة, وبعضهم يقول: عمره ثمانون سنة, وهو أشبه. وقوله: نسور الملا بدل من قوله: أتم الطير. والملا: المتسع من الأرض, واستعمل الأحداث للنسور استعارةً من الإنس, والقشاعم: المسان, وأكثر ما يستعمل في النسور.
وقوله: تفدي أتم الطير؛ لما كان أتم يقع على القليل والكثير حسن أن يقول: تفدي فيؤنث. وادعى أن النسور تقول لسلاحه: جلعنا الله فداك, ونحو ذلك؛ لأنها كفتها أمر المطاعم؛ إذ كان الممدوح يقتل بها الناس فتقع عليهم النسور. والنسر لا يقتنص وإنما يسقط على الجيف, وقد بين الشاعر الغرض في البيت الآتي فقال:
وما ضرها خلق بغير مخالبٍ ... وقد خلقت أسيافه والقوائم
يقول: ما ضرها أنها خلقت لا مخالب لها تقتنص, وقد خلقت أسياف الممدوح وقوائمها؛ فهو يكفيها أن تصطاد كغيرها من الجوارح.
وقوله:
هل الحدث الحمراء تعرف لونها ... وتعلم أي الساقيين الغمائم
وصف الحدث بالحمراء؛ لأنه زعم أن الدم أريق عليها فاحمرت, فقال الشاعر: هل الحدث تعرف لونها وتعلم أي ساقييها الغمائم؟ فقد علم أنها لا تعلم, وذلك سائغ في الكلام, ثم شرح أمر الساقيين.
وقوله (190/ب):
سقتها الغمام الغر قبل نزوله ... فلما دنا منها سقتها الجماجم
يقول: سقاها الغمام الغر قبل نزول سيف الدولة عليها, فلما نزل بها سقاها دم القتل. وكنى بالجماجم عن المقتولين لأجل القافية. والغمام يحتمل أن ينعت بالغر وبالأغر؛ لأنه إن كان جمعًا فقد استعمل كاستعمال الآحاد, وقد مر ذكره.
وقوله:
وكان بها مثل الجنون فأصبحت ... ومن جثث القتلى عليها تمائم
ادعى أن الحدث كان بها مثل الجنون, ويجوز أن يكون أهلها. فأما الحدث فمعلوم أنها لا تحس بخير ولا شر. والجثث: جمع جثةٍ, وأصل ذلك ما رئي من جسم الإنسان. وقيل: اجتث الشيء إذا أخذ كله فلم يبق منه شيء. والمعنى أنه استؤصلت جثته. والجث: شيء مرتفع من الأرض وليس بالعظيم. قال الشاعر: [الطويل]
وأوفى على جث ولليل طرة ... على الأرض لم يكفف جوانبها الفجر
وجعل جثث القتلى كالتمائم, لأنها أذهبت ما بالحدث من الجنون. والتمائم تعلق على من تخاف عليه عين, أو يظن أن به سفعةً من الجنون.
وقوله:
طريدة دهرٍ ساقها فرددتها ... على الدين بالخطي والدهر راغم
جعل الحدث طريدةً للدهر طردها على الإسلام فردها الممدوح بالطعن إلى الدين, والدهر راغم. وهذه دعوى على الدهر, ولم يلحقه رغم قط, ولا أحس بما العالم فيه. وأصل الرغم: أن يلتصق الأنف بالرغام؛ أي التراب الدقيق. قال الأعشى: [الطويل]
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى ... ولا تلقني إلا وأنفك راغم
وقوله:
تفيت الليالي كل شيءٍ أخذنه ... وهن لما يأخذن منك غوارم
يقول: الليالي إذا أخذن شيئًا أفاتته ولم يرجع إلى صاحبه لا هو ولا عوض منه. وهي إذا أخذت شيئًا منك غرمته. وبعض الناس يروي: أخذته, وهو أشد مبالغة من الرواية الأولى؛ لأنه جعل الممدوح إذا أخذ منها شيئًا لم تقدر على استرجاعه منه, وإذا أخذت منه شيئًا غرمته.
وقوله:
إذا كان ما تنويه فعلًا مضارعًا ... مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم
الجوازم: الحروف التي تجزم. وأصل الجزم: القطع. وسمى النحويون هذا الفن جزمًا لأنه يقطع الإعراب من الاسم, ومنه قولهم: حلف على يمينٍ جزمٍ؛ أي قطعها. وقول صخر الغي الهذلي: [المتقارب]
فلما جزمت به قربةً ... تيممت أطرقةً أو خليفا
أراد أنه جزمها فقطعها عن الحركة. ويقال: جزم فلان عن الأمر إذا هم به ثم رجع عنه, فكأنه قطع نفسه عما أراد. قال الشاعر: [الوافر]
ولكني مضيت ولم أجزم ... وكان الصبر عادة أولينا
ومعنى البيت أن الممدوح إذا كان ما ينويه فعلًا مضارعًا, وهو يصلح لأمرين: للحال والاستقبال, أمضاه هذا المذكور من قبل أن تقع عليه الجوازم؛ كأنه إذا جرى في نفسه أن يقتل عدوًا قتله قبل أن يقول قائل: لم يقلته؟ !
وقوله:
وكيف ترجي الروم والروس هدمها ... وذا الطعن آساس لها ودعائم
الآساس: جمع أس وهو أصل البناء. والدعائم: جمع دعامةٍ وهو ما يدعم به الشيء كيلا يقع. قال الشاعر: [الطويل]
وما لمثابات العروس بقية ... إذا نزعت من تحتهن الدعائم
وقوله:
أتوك يجرون الحديد كأنهم ... أتوا بجيادٍ ما لهن قوائم
أراد أنهم احترزوا لنفوسهم وخيلهم فلبسوا الحديد, وطرحوا التجافيف على الخيل حتى ما تبين قوائمها؛ لأنها مستورة؛ فكأنها لا قوائم لها. ولما كانت القائم هاهنا يراد بها قوائم الدواب, والقوائم في أول القصيدة يراد بها قوائم السيوف, لم يكن ذلك من الإيطاء. ومع هذا ففي القوائم الأولى ألف ولام, والآخرة ليس فيها علامة التعريف. واختلف أهل العلم في قولهم: الرجل ورجل في قصيدة واحدةٍ؛ فجعله بعضهم إيطاءً, ولم يره بعضهم عيبًا؛ ومن ذلك قول الراجز: [الرجز]
يارب سلم سدوهن الليله ... وليلةً أخرى وكل ليله
وقوله:
إذا برقوا لم تعرف البيض منهم ... ثيابهم من مثلها والعمائم
يقول: إذا برقوا بالسيوف لم تميز بينها وبين غيرها من شخوصهم؛ لأنها مواراة بالحديد؛ فثيابهم وعمائمهم من جنس سيوفهم, وهذا يشبه قول البحتري في صفة فرسٍ أشهب: [الكامل]
تخفى الحجول إذا بلغن لبانه ... في أبيضٍ متألقٍ كالدملج
وقوله:
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم
يقول: هذا الجيش بشرق الأرض والغرب زحفه؛ أي قد سمع به في الشرق والغرب, وتحدث به أصناف الأمم, وفي أذن الجوزاء من لجبه (191/أ) وأصواته زمازمن - جمع زمزمة - وهو صوت ليس برفيع ولا مفهوم عند السامع. يقول: فالجوزاء قد شعرت بهذا الجيش وبلغتها منه زمازم.
وقوله:
تجمع فيه كل لسنٍ وأمةٍ ... فما تفهم الحداث إلا التراجم
يقال: لأبني فلانٍ لسن؛ أي لغة. يقول: في هذا الخميس أصناف العالم فكل منهم يحتاج إلى ترجمانٍ يفسر له ما يسمع. والحداث: الذي يتحدثون. قال الشاعر: [الطويل]
أتيت مع الحداث ليلى فلم أبن ... وأخليت فاستعجمت عند خلائي
ولفظ الحداث يدل على أنه جمع حادثٍ, ولم يقولوا: رجل حادث من الحديث؛ استغنوا عنه بقولهم: حدث وحدث, وجاء حداث على تقدير حادث.
وقوله:
فلله وقت ذوب الغش ناره ... فلم يبق إلا صارم أو ضبارم
ذكر النار لأن تأنيثها غير حقيقي. والضبارم: الشديد من الأسد والناس. وإن كانت الميم في دلامصٍ وهرماسٍ زائدة فما يمتنع أن تكون أن تكون في ضبارمٍ كذلك, ويكون اشتقاقه من: ضبرت الشيء إذا جمعته, وتكون الميم زائدةً كزيادتها في زرقمٍ وخدلمٍ.
وقوله:
تقطع ما لا يقطع الدرع والقنا ... وفر من الفرسان من لا يصادم
يقول: إن السيف الذي لا يقطع الدرع والدارع تقطع لأنه عجز وكهم, وفر من الفرسان من لا يقدر على المصادمة.
وقوله:
وقفت وما في الموت شك لواقفٍ ... كأنك في جفن الردى وهو نائم
يقول: وقفت في وقت من وقف فيه فقد أيقن بموته؛ فكأنك في جفن الردى وهو نائم لا يحس بك.
وقوله:
تمر بك الأبطال كلمى هزيمةً ... ووجهك وضاح وثغرك باسم
الأبطال: جمع بطلٍ وهو الذي يبطل قرنه؛ أي لا يجعل له فعلًا. وكلمى: جمع كليم وهو الذي به كلم أي جرح, وهزيمة في معنى مهزومةٍ. وأنت في حال هذه الشدة تبتسم ووجهك وضاح لم يتغير.
وقوله:
ضممت جناحيهم على القلب ضمةً ... تموت الخوافي تحتها والقوادم
يعني بالجناحين: ميمنة العسكر وميسرته؛ ولما جعل للجيش جناحين استعار له قوادم وخوافي. وقال بعض الناس: الجناح عشرون ريشةً: أربع قوادم, وأربع مناكب, وأربع أباهر, وأربع خواف, وأربع كلى. وقال قوم: ما ظهر من الريش فهو قوادم, وما استتر فهو كله خوافٍ. والمراد: أنك ضممت جناحيهم على القلب فمات من في الميمنة والميسرة, وهما الجناحان.
وقوله:
حقرت الردينيات حتى طرحتها ... وحتى كأن السيف للرمح شاتم
الناس في الشام والعراق يروون هذه البيت: شاتم, وله وجه؛ أي كأن السيف لم يرض فعل الرمح فهو يشتمه, ولو رويت: للسيف شائم؛ لكان للبيت معنى ألطف في نقد الشعر؛ لأنهم يقولون: شام السيف؛ إذا أغمده. فكأنه يقول: لما جاء السيف كان كأنه قد شام الرمح. وليس من عادة الرماح
أن تشام, ولكنه لما عطل الرمح كان كأنه قد شامه.
وقوله:
تدوس بك الخيل الوكور على الذرى ... وقد كثرت حول الوكور المطاعم
يريد أن الخيل صعدت به في الجبال حتى أتت وكور الطير كالصقور والعقبان, وقد كثرت المطاعم هنالك فهي لا تفتقر إلى طلبها. وذري الجبال: أعاليها.
وقوله:
تطن فراخ الفتخ أنك زرتها ... بأماتها وهي العتاق الصلادم
فراخ الفتخ؛ أي العقبان. أنك زرتها بأماتها؛ أي بالعقبان. والأمات تستعمل لغير الإنس, والأمهات بالهاء تستعمل في بني آدم. وقد جاءت الأمهات في البهائم. قال الشاعر: [السريع]
قوال معروفٍ وفعاله ... عقار مثنى أمهات الرباع
ووزن أمات: فعلات, ووزن أمهات: فعلهات, وقد أظهروا الهاء في الواحد. وقد أنشدوا رجزًا نسبوه إلى قصي بن كلاب جد النبي صلى الله عليه وسلم: [الرجز]
إني لدى الحرب رخي اللبب ... معترم الصولة عالي النسب
عند تناديهم بهالٍ وهب ... أمهتي خندف والياس أبي
والعتاق: الخيل الكرام, يقال: عتقت الفرس إذا تقدمت وسبقت. والصلادم: الصلاب. إذا قيل إن الميم زائدة في «شدقم» لأنه من سعة الشدق؛ لم يمتنع أن تكون الميم في صلدام زائدةً؛ لأنه من الصلد, وهو الصلب. ووزن صلادم على هذا: فعالم, وإذا كانت الميم أصلية فوزنه (191/ب) فعالل.
وقوله:
إذا زلفت مشيتها ببطونها ... كما تتمشي في الصعيد الأراقم
يقول: قد أصعدت الخيل في الجبال التي ليس لها عادة بصعودها فحوافرها تزلق عنها, فإذا زلفت مشيتها ببطونها, كما تتمشى الأراقم في الصعيد؛ أي التراب. وفي الكتاب العزيز: {والله خلق كل دابة من ماءٍ فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع}؛ فادعى الشاعر للمدوح أنه يمشي ذوات الأربع مشية الذي يمشي على بطنه, وهذا من المبالغة المفرطة.
وقوله:
أينكر ريح الليث حتى يذوقه ... وقد عرفت ريح الليوث البهائم
يقول: ألم يشم هذا الدمستق رائحة الليث فيعلم أنه إن وقف فرسه فقلة فطنته تمنعه من أن يهرب حتى يذوقه الليث؛ فعند ذلك يفر. والبهائم إذا وجدت رائحة الأسد فرت منه.
وقوله:
وقد فجعته بابنه وابن صهره ... وبالصهر حملات الأمير الغواشم
أشبه الأشياء أن تكون الفاجعة له الخيل لتقدم ذكرها قبل هذا البيت. والصهر يستعمل في تزوج الرجل والمرأة, والحمو إنما يستعمل عند بعضهم للمرأة؛ يقال: هو حموها وحماها وحمها. قال الشاعر: [الطويل]
ألا أصبحت أسماء حجرًا محرما ... وأصبحت من أدنى حموتها حما
وأما النحويون المتقدمون ففي كتبهم: حموك وأبوك, بفتح الكاف, فكأن فتحها في الكتب المتقدمة يجيز أن يقال: هذا حمو الرجل وحماته. وسكن ميم حملات والأحسن فتحها, وقد فعل ذلك في مواضع هو وغيره من الشعراء.
وقوله:
مضى يشكر الأصحاب في وفته الظبى ... لما شغلتها هامهم والمعاصم
ما وشغلتها في معنى المصدر كأنه قال: الدمستق يشكر أصحابه لما فات الظبى أن تقع به, لأنها شغلتهم عند فوقعت في هام الأصحاب ومعاصمهم. والمعصم يستعمل للرجل والمرأة, وهو ما فوق الزند من الذراع؛ وكأنه مأخوذ من عصم يعصم؛ أي منع. وأصل ذلك أن يستعمل للمرأة لأن معصمها يعصم سوارها عن أن يخرج من يدها.
وقوله:
ويفهم صوت المشرفية فيهم ... على أن أصوات السيوف أعاجم
يقول: الدمستق يفهم صوت المشرفية في قتل أصحابه, ويعلم إذا سمع صليلها أنهم مقتولون؛ فقد فهم معنى الصليل على أن السيوف أعاجم, وادعى الشاعر أنه يسمع صوتها على بعد, وهو نحو من قوله مهلهل: [الوافر]
فلولا الريح أسمع أهل فلجٍ ... صليل البيض تقرع بالذكور
وقوله:
يسير بما أعطاك لا من جهالةٍ ... ولكن مغنومًا نجا منك غانم
هذا مبني على قول العرب في المثل: «السلامة إحدى الغنيمتين». ويقال: إن أول من قاله بسطام بن قيس, وذلك أنه غزا غزاة فهزم, فلما رجع ولقيه من كان غائبًا عنه, قال: «السلامة إحدى الغنيمتين».
وقوله:
ولست مليكًا هازمًا لنظيره ... ولكنك التوحيد للشرك هازم
تشرف عدنان به لا ربيعة ... وتفتخر الدنيا به لا العواصم
يقول: لست مليكًا هزم مثله, ولكنك التوحيد هزم الشرك, وليس بينهما قياس في الفضل. والهاء في قوله: تشرف عدنان به عائدة على مليك, ولو أمكنه أن يكون موضع الهاء الكاف, لكان ذلك أوجب, ولكن الوزن لم يسمح بذلك.
وقوله:
وإني لتعدوني عطاياك في الوغا ... فلا أنا مذموم ولا أنت نادم
على كل طيارٍ إليها برجله ... إذا وقعت في مسمعيه الغماغم
يقول: إني لتحملني على الخيل فتعدو بي في الوغا وهي من عطاياك؛ فلا أنا مذموم في الحرب لأني لست بجبان, ولا أنت نادم على إعطائك أياي السوابق؛ لأنك تعلم أنني شجاع أعملها في طاعتك. وجعل الفرس يطير برجله كما يطير الطائر بجناحه, وقد سبقت العرب إلى تشبيه الفرس بالطائر. قال الراجز: [الرجز]
كأن تحتي طائرا بادي الضرم ... لأاحت له حمامة غير أمم
والغمائم: جمع غمغمةٍ وهو صوت لا يفهم. قال المسيب بن علس: [الكامل]
كغماغم الثيران بينهم ... ضرب تغمض دونه الحدق
وقال امرؤ القيس: [الطويل]
فظل لثيران الصريم غماغم ... يداعسها بالسمهري المعلب
(192/أ) وقوله:
ألا أيها السيف الذي لست مغمدًا ... ولا فيك مرتاب ولا منك عاصم
كان أبو الطيب يختار أن يخاطب الممدوح بالتاء إذا جاء به بعد الذي ونحوها, وقد جاء في هذا البيت بكافٍ في موضعين, فالهاء فيهما أحسن عند أهل العلم, وكون الضمير في ليس نائبًا عن التاء أحسن من قوله: لست, وقد كان يمكنه أن يقول:
ألا أيها السيف الذي ليس مغمدًا ... ولا فيه مرتاب ولا منه عاصم
ثم يخاطبه بالكاف في البيت الثاني؛ فلم يفعل ذلك, وهو قادر عليه. وقافية هذه القصيدة من المتدارك.








مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید