المنشورات

كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا ... وحسب المنايا أن يكن أمانيا

الوزن من الطويل الثاني.
والباء في بك في موضع رفع, كما تقول: كفى بفلان صديقاً؛ أي كفى فلان, فأما قولهم في التعجب: أكرم بزيدٍ فقد اختلف فيه النحويون؛ فقيل: الباء وما بعدها في موضع نصب لأنه مؤد معنى قولك: ما أكرم زيداً, وروي عن محمد بن يزيد أنه كان يقول: هو في موضع رفعٍ لأن المعنى: كرم زيد. ويحتمل أن الفعل لا يخلو من الفاعل وقد يخلو من المفعول. وواحد (243/أ) الأماني: أمنية بتشديد الياء لا غير, والأجود أن تكون مشددةً في الجمع لأن العادة جرت بذلك. يقولون: أوقية وأواقي, وأضحية وأضاحي. وأكثر القراء يقرؤون: {لا يعلمون الكتاب إلا أماني} بالتشديد, وقدروي عن ابن القعقاع بالتخفيف وقد جاءت في الشعر مخففة. قال مالك بن الريب: [الطويل]
ويا زيد عللنا بمن يسكن الغضا ... وإن لم يكن يا زيد إلا أمانيا
وقوله:
تمنيتها لما تمنيت أن ترى ... صديقاً فأعيا أو عدواً مداجيا
خاطب نفسه في الحقيقة وكأنه يخاطب غيره؛ وذلك معروف بمذهب الشعراء, وقد مر مثله, ومنه قول الشاعر: [الكامل]
قف بالعراص عراص نجدٍ أمينا ... درست وغيرها الزمان سنينا
إنما أراد نفسه بالوقوف. والتمني المعروف هو أن يطلب الإنسان ما يريده كقول الجائع: ليت لي طعاماً, والظمآن: ليت لي ماءً بارداً, ثم وقع ذلك على جميع الأشياء التي يخختارها صاحب الأمنية. قال النابغة الذبياني: [الوافر]
تمن بعادهم واستبق منهم ... فإنك سوف تترك والتمني
وأصل هذا الكلمة من قولهم: منى الأمر يمنيه, ومناه يمنوه إذا قدره. قال الشاعر: [البسيط]
ولا تقولن لشيءٍ سوف أفعله ... حتى يبين ما يمنو لك الماني
وكأن قولهم: تمنى؛ أي أراد أن يقدر الله له شيئاً لم يصل إليه. وفي الكتاب العزيز: {إلا أذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته}.
وقال بعض المفسرين: تمنى معناه: تلا القرآن, وأنشدوا بيتاً يجوز أن يكون مصنوعاً, وهو: [الطويل]
تمنى كتاب الله آخر ليلةٍ ... تمني داود الزبور على رسل
ويجوز أن يكون التمني إذا جعل من التلاوة دخولًا فيما قدره الله؛ لأن الشيء الممنو يجوز أن يسمى مناً. والعدو المداجي: الذي يساتر, وهو مأخوذ من دجى الليل.
وقوله:
إذا كنت ترضى أن تعيش بذلةٍ ... فعلا تستعدن الحسام اليمانيا
تستعدن: من العدة. ومن الأمثال: «كل امرئٍ يغدو بما استعد» , أي بما جعله عدةً لأمرٍ. وقال عمرو بن معدي كرب: [مجزوء الكامل]
كل امرئٍ يغدو إلى ... يوم الهياج بما استعدا
والحسام: من الحسم وهو القطع السريع, والسيوف تنسب إلى اليمن وإلى الهند,ويقال: سيف مشرفي إذا كان منسوباً إلى المشارف وهي أرض تشرف على اليمن. وقالوا: سيف قساسي منسوب إلى قساسٍ وهو جبل فيه معدن حديدٍ. قال الشاعر: [الطويل]
فإن القساسي الذي قب ضرسه ... وشاخس فوديه لعند ابن أحمرا
شاخس فوديه: أي خالف بينهما. وقب الشيء إذا قطعه. وقد تردد ذكر قساسٍ في الشعر, ويجوز أن يكون المراد به هذا الجبل. قال جران العود: [الطويل]
تذكرنا أيامنا بسويقةٍ ... وهضبى قساسٍ والتذكر يشعف
وقال آخر: [المتقارب]
تجاوزت حمران من ساعةٍ ... وقلت قساس من الحرمل
وقوله:
ولا تستطيلن الرماح لغارةٍ ... ولا تستجيدن العتاق المذاكيا
كانوا يفتخرون بطول الرماح ويكرهون قصرها. قال الشاعر: [الوافر]
لعمرك ما رماح بني قشيرٍ ... بطائشة الصدور ولا قصار
وقال عدي بن الرقاع العاملي: [الخفيف]
تحتها واحد وعشرون كعباً ... ردنياً وآخر كالشهاب
وقال آخر يمدح قوماً: [الوافر]
رماحكم تزيد على ثمانٍ ... وعشرٍ قبل تركيب النصال
وقد اقتصر حاتم الطائي في قوله: (243/ب) [الطويل]
متى يأت يوماً وارثي يبتغي الغنى ... يجد جمع كف غير ملأى ولا صفر
يجد فرساً نهداً وأبيض صارماً ... جرازاً إذا ما هو لم يرض بالهبر
وأسمر خطياً كأن كعوبه ... نوى القسب قد أربى ذراعاً على العشر
وقوله:
فما ينفع الأسد الحياء من الطوى ... ولا تتقى حتى تكون ضواريا
الطوى بفتح الطاء. يقال: فلان طوي البطن إذا كان خميصاً. والمعروف فتح الطاء, وحكاه سيبويه بالكسر؛ وعلى ذلك أنشد بيت عنترة: [الكامل]
ولقد أبيت على الطوى وأظله ... حتى أنال به كريم المأكل
والمعنى: أن حياء الليث لا يأتيه بالشبع, وإنما ينال ذلك إذا افترس. وهذا حث على طلب الرزق بالسيف؛ وهو نحوه من قول الآخر: [المتقارب]
وشر الضراغم ضرغامة ... طوى شبله وهو في الغيل هاد
والضواري: جمع ضارٍ, والضراوة أصلها لزوم الشيء. وكان بعض الصالحين يكره إدمان أكل اللحم. وفي بعض الحديث: «إياكم وهذه المجازر فإن لها ضراوةً كضراوة الخمر». ويقال: عرق ضارٍ إذا دام سيلانه, وأسد ضارٍ إذا تعود الفرس.
وقوله:
حببتك قلبي قبل حبك من نأى ... وقد كان غداراً فكن لي وافيا
المعروف: أحببت بالهمزة, وأكثر ما يستعمل في اسم المفعول: محبوب, وإنما القياس محب كما قال عنترة: [الكامل]
ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم
وقال امرأة من قرش, ويقال: إنها ابنة أبي سفيان بن حرب أم عبدالله بن الحارث الذي يلقب ببه: [الرجز]
لأنكحن ببه ... جاريةً خدبه
مكرمة محبه
وقال زهير بن مسعود الضبي: [السريع]
شادخة الغرة محبوبة ... والفرس الصالح محبوب
وحببت قليلة جداً. ويقال إن أبا رجاءٍ العطاردي قرأ: {فاتبعوني يحببكم الله}.
وأنشد ابن الأعرابي: [الطويل]
وأقسم لولا تمره ما حببته ... ولا كان أدنى من عبيدٍ ومرشق
وأنشد سيبويه هذا البيت: [الوافر]
أحب لحبها السودان حتى ... أحب لحبها سود الكلاب
فهذا على منهاج قولهم: مغيرة في مغيرةٍ. ومعنى البيت أنه قال لقلبه: أحببتك قبل حبك من نأى عنك وقد غدر بي, فكن وافياً لي لأن محبتي لك قبل محبتي له.
وقوله:
وأعلم أن البين يشكيك بعده ... فلست فؤادي إن رأيتك شاكيا
أشكى: تستعمل في الأضداد؛ يقال: أشكيته إذا أحوجته أن يشكو, وأشكيته إذا أدمت شكواه. قال الراجز: [الرجز]
تمد بالأعناق أو تلويها ... وتشتكي لو أننا نشكيها
مس حوايا قلما نجفيها
والبيت يحتمل الوجهين: فإذا جعل قلبه قد جعل شاكياً, فكأنه يأمره بالصبر وأن لا يظهر شكيةً. وإن أخذه من قوله: أشكاه إذا أزال شكيته, فالمعنى أن البين يشكيك؛ أي ينسبك من كنت تحب لأن البين الذي يؤيس من اللقاء يسلي باليأس. قال الحطيئة: [البسيط]
لما رأيت نبوي في دياركم ... ولم يكن لجراحي فيكم آس
أزمعت يأساً مريحاً من نوالكم ... ولن ترى طارداً للحر كالياس
ويروى لزهير بن جناب الكلبي: [الوافر]
إذا ما شئت أن تسلى حبيباً ... فأكثر دونه عدد الليالي (244/أ)
فما أسلى حبيباً مثل نأي ... ولا أبلى جديداً كابتذال
وقوله:
فإن دموع العين غدر بربها ... إذا كن إثر الغادرين جواريا
غدر: جمع غدورٍ. يقول: إن الدموع إذا جرت في إثر الغادرين فهي غادرة بصاحب الدمع.
وقوله:
إذا الجود لم يرزق خلاصاً من الأذى ... فلا الحمد مكسوباً ولا المال باقيا
في هذا البيت تعريض بذم من فارق؛ لأنه ذكر أنهم جادوا له جوداً لم يخلص من أذيةٍ, وإذا كان الجود كذلك فالجود ما حمد والمال ما بقي.
وقوله:
وللنفس أخلاق تدل على الفتى ... أكان سخاءً ما أتى أم تساخيا
هذا المعنى يتردد في الشعر, وهو مثل قول القائل: [البسيط]
كل امرئٍ عائد يوماً لشيمته ... وإن تخلق أخلاقاً إلى حين
يقول: إن نفس الإنسان لها أخلاق تدل عليه: أسخي هو أم متشبه بالأسخياء.
وقوله:
أقل اشتياقاً أيها القلب ربما ... رأيتك تصغي الود من ليس جازيا
الأجود كسر اللام في أقل, وفتحها جائز. يأمر قلبه أن يدع الشوق إلى غير مجازٍ بالمودة, وهذا تعريض كالتصريح؛ لأنه أتبع كلامه بما بينه, وذكر أنه جيد له جود غير هني فنهى قلبه عن الحنين إلى من هذه صفته.
وقوله:
خلقت ألوفاً لو رحلت إلى الصبا ... لفارقت شيبي موجع القلب باكيا
هذا البيت شرح لما قبله, وهو دليل على أنه لمن فارق ذام؛ لأنه جعله كالشيب. وقال: لو فارقت الشيب الذي هو ذميم برحيلٍ إلى الصبا الذي هو أفضل حياة الإنسان؛ لكان ذلك الفراق موجعاً للقلب مبكياً للعين. وقد وصف نفسه في هذا البيت بوفاءٍ لم يسمع بمثله قط.
وقوله:
ولكن بالفسطاط بحراً أزرته ... حياتي ونصحي والهوى والقوافيا
أزرته: أفعلته من الزيارة, ويعني بالبحر: الممدوح. والعرب تصف بالبحر الرجل الكريم, وكذلك الفرس الجواد. وركب النبي صلى الله عليه فرساً وقال: «وجدته بحراً». وقال الشاعر في صفة الكرام بالبحور: [الخفيف]
فلدته عرى الأمور نزار ... قبل أن تهلك السراة البحور
وقوله:
وجرداً مددنا بين آذانها القنا ... فبتن خفافاً يتبعن العواليا
الخيل توصف بالجرد وهي أن تكون قليلة الشعر. ووصف أنه مد القنا بين آذان الخيل فهي تتبع العوالي, وهذا نحو من قولهم: يطرد الزج في صفة الفرس, ويباري شباة الرمح, وقد مر ذكر ذلك.
وقوله:
تماشى بأيدٍ كلما وافت الصفا ... نقشن به صدر البزاة حوافيا
البزاة: جمع بازٍ وهو هذا الطائر المعروف, وهذه كلمة أخذها الشاعر من كلام العامة؛ لأن النساء يقلن: «نقشتها الناقشة صدر البزاة». يقول: [الخيل] إذا وطئت الأرض وهي غير منعلةٍ نقشت في صفا الأرض نقشاً ذلك المذكور. وقد اقتصر في هذا الوصف لأنه شبه في الأخرى تشبيه آثار الخيل بآثار قلع الحلي من المناطق, وزعم أنه إذا عدا غادر آثاراً كالخنادق؛ وهذه مبالغة في شدة الوطء. ويحتمل أن يكون في هذا الموضع صفة بالخفة, وأنها لا تمكن الحوافر من الوطء.
وقوله:
وتنظرن من سودٍ صوادق في الدجى ... يرين بعيدات الشخوص كما هيا
(244/ب) هذا بيت لم توصف العيون في النظر بمثله لأنه ادعى لها أنها ترى ما بعد من الشخوص على هيأته. ولم تجر العادة بذلك, وكلما بعد الشخص من الناظر صغر الشخص في العين, وعلى ذلك جاء الشعر القديم. قال النابغة: [الطويل]
سأربط كلبي أن يريبك نبحه ... وإن كنت أرعى مسحلان وحامرا
وحلت بيوتي في يفاعٍ ممنعٍ ... يخال به راعي الحمولة طائرا
أخبر أنه موضع مرتفع؛ فراعي الحمولة فيه كأنه طائر لبعده.
وقوله:
وتنصب للجرس الخفي سوامعاً ... يخلن مناجاة الضمير تناديا
الجرس والجرس: الصوت, وسوامع: جمع سامعةٍ, وهي الأذن, والمناجاة: السرار والكلام الخفي, والتنادي: التفاعل من قولهم: فلان أندى صوتاً من فلانٍ؛ أي أرفع صوتاً منه, قال الشاعر: [الوافر]
فقلت ادعي وأدعو فإن أندى ... لصوتٍ أن ينادي داعيان
وهذا البيت في صفة حدة السمع نظير البيت الذي قبله في الصفة بصحة النظر.
وقوله:
تجاذب فرسان الصباح أعنةً ... كأن على الأعناق منها أفاعيا
يعني بفرسان الصباح؛ أي الذين يدعون إذا أغير على القوم عند الصباح؛ كأنه وصف نفسه وأصحابه وشبه الأعنة بالأفاعي. وقد سبقت الشعراء إلى نحو ذلك واستعملوه في الإبل وشبهوا الزمام بالأرقم. قال الفرزدق: [الوافر]
كأن أراقماً علقت بارها ... معلقةً إلى عمد الرخام
ويقال إن بعض أعنة الخيل تتخذها البادية مضفورةً كأنها حبل من أذمٍ.
وقوله:
بعزمٍ يسير الجسم في السرج راكباً ... به ويسيبر القلب في الجسم ماشيا
يصف عزمه بالمضاء والشدة. يقول: هذا العزم يسير الجسم راكباً في السرج ويسير القلب في الجسم ماشياً؛ أي إنه عزم على أمرٍ عظيم؛ فالراكب وإن كان جسمه في سرجٍ فكأن قلبه ماشٍ في جسده لأنه في مشقةٍ وتعبٍ لعظم ما يهم به.
وسرج الفرس يجوز أن يكون مأخوذاً من السراج الموقد لأنه يحسن الفرس كتحسين السراج ما يوقد فيه. ويحتمل أن يكون سمي سراجاً لأنه يدوم على ظهر الدابة. يقال: ما زال ذلك منه سرجوجةً أي دائماً. قال عبيدالله بن الحر الجفعي: [الطويل]
فلا تحسبن الخير لا شر بعده ... ولا الشر سرجوجًا على المر ترتبا
وقوله:
قواصد كافورٍ توارك غيره ... ومن قصد البحر استقل السواقيا
كافور: اسم عربي, ويقال لهذا الطيب: كافور, وقافور. والكافور: وعاء الطلع ونبت طيب الرائحة يقال له: قفور. قال العجاج: [الرجز]
كأن ريح بيته المزبور ... في الظل تحت الهدب اليخضور
مثواه عطارين بالعطور ... أهضامها والمسك والقفور
أراد بالقفور: الكافور المعروف. وقيل: بل أراد نبتاً طيب الرائحة. قال ابن أحمر: [السريع]
ترعى القطاة الخمس قفورها ... ثم تغر الماء فيمن تغر
والسواقي: جمع ساقية, وهو كل ما ثعب من غيره كأنه قليل من كثير.
وقوله:
فجاءت بنا إنسان عين زمانه ... وخلت بياضاً خلفها ومآقيا
جعله إنسان عين الزمن, وإنسان العين هو الناظر, وجمعه: أناسي. قال ذو الرمة: [الطويل] (245/أ)
إذا استوحشت آذانها استأنست لها ... أناسي ملحوب لها في الحواجب
جعل الشاعر العالم كبياض العين ومآقيها؛ لأن هذه الأشياء لا ينتفع بها في النظر, وجعل الممدوح كإنسان العين لأن الخاصة فيه.
وقوله:
تجوز عليها المحسنين إلى الذي ... نرى عندهم إحسانه والأياديا
يقول: تجوز على هذه الخيل الملوك الذين يحسنون إلى الناس إلى الملك الذي جرت عادته بأن يحسن إلى المحسنين, وقد رأينا إنعامه عليهم, فاخترنا قصده على قصدهم.
وقوله:
فتى ما سرينا في ظهور جدودنا ... إلى عصره إلا نرجي التلاقيا
هذا البيت لم يقل في معناه مثله؛ لأن الشاعر ادعى أنه وأن غيره لم يسروا في ظهور جدودهم إلا رغبةً في لقاء هذا الممدوح. وهذا من إفراط الغلو؛ إلا أنه على مذاهب الشعراء معنى لا يوصل إلى مثله.
وقوله:
ترفع عن عون المكارم قدره ... فما يفعل الفعلات إلا عذاريا
استعارت العرب العوان للحرب, وكذلك للحائل واللاقح. فالحائل التي لم يقاتل فيها ذلك العام, واللاقح التي قد وجب فيها القتال, والعوان التي قد حورب فيها مرةً بعد مرةٍ وجعلوها تنتج كما تنتج الناقة. وقال الشاعر: [الوافر]
متى لاقيت قومي فسأليهم ... إذا ما حربهم نتجت فصيلا
فيجوز أن يعنى بالفصيل أمر حدث كسيدٍ يقتل, أو أمرٍ تجلى عنه الحرب. والعذارى: جمع عذراء, والأكثر عذارا بالألف, وكانت النساء تقول في المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وقبله إذا حذرن في عرسٍ: [الرجز]
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
فلولا الذهب الأحمر لم نحلل بناديكم
ولولا البرة السمراء لم تسمن عذاريكم
وسكن عين الفعلات, وقد فعل ذلك مراراً وهو من الضرورات. يقول: هذا الممدوح لا يفعل مكرمةً فعلها غيره وإنما يتكرم بشيء لم يسبق إليه.
وقوله:
يبيد عداوات البغاة بلطفه ... وإن لم تبد منهم أباد الأعاديا
يبيد: أي يهلك. يريد أنه يحسن إليهم فإن بلغ ما يريد من زوال العداوة؛ وإلا فإنه يبيد العدو.
وقوله:
أبا المسك ذا الوجه الذي كنت تائقاً ... إليه وذا الوقت الذي كنت راجيا
تاق إلى الشيء يتوق إذا حن إليه, فهذا فعل معتل. فأما قولهم: تئق بالهمز فهو من: امتلأ الشيء, ويقال: فرس تئق أي كأنه قد امتلأ بالجري. فأما قول المرئ القيس: [الطويل]
فإما تريني اليوم في رأس شاهقٍ ... فقد أغتدي أقود أجرد تائقا
فيجوز أن يكون فاعلًا من التأق وهو الامتلاء؛ كما قالوا: حاذر من الحذر. ويجوز أن يكون من تاق يتوق؛ أي كأن هذا الفرس مشتاق إلى الجري. ويجوز أن يعني الشاعر بالتائق نفسه؛ أي أقود فرساً وأنا مشتاق إلى من أحب.
وقوله:
لقيت المرورى والشناخيب دونه ... وجبت هجيراً يترك الماء صاديا
المرورى: جمع مروراةٍ وهي الأرض التي لا شيء فيها. جمعها الجمع الذي بينه وبين واحده الهاء؛ كما قالوا: فلاً وفلاة, وحصى وحصاة, ولو جمعت جمع السلامة لقيل: مروريات, ولو جمعت جمع التكسير لقيل: مرارٍ بالرفع والخفض, وجبت مرارياً في النصب. ووزن مروراةٍ: فعلعلة, وظاهر أمرها أن يكون اشتقاقها من المرو وهي حجارة صغار تقدح منها النار. والشناخيب: جمع شنخوبٍ وشنخابٍ, وهو أعلى الجبل. والهجيز: (245/ب) جمع هاجرة وهي الحر الشديد؛ وإنما يستعمل ذلك في نصف النهار وما قاربه. يقال: هجر القوم إذا ساروا في الهجير, وهجر النهار إذا جاء بالهاجرة. قال امرؤ القيس: [الطويل]
فدعها وسل الهم عنك بجسرةٍ ... ذمولٍ إذا صام النهار وهجرا
فأما قول ذي الرمة: [الطويل]
ولميبق بالخلصاء مما عنت به ... من البقل إلا يبسها وهجيرها
فيقال: إن الهجير ضرب من الحمض, ويجوز أن يعنى بالهجير: الهاجرة, ويحتمل أن يكون اشتقاق الهاجرة من قولهم: هجرت البعير إذا شددت حبلاً في حقوه إلى وظيفيه؛ أي هذه الهاجرة كأنها تقيد الإنسان وغيره من شدة الحر, فلا يقدر على التصرف. ولا يمتنع أن يكون قوله: الهاجرة؛ أي الوقت الذي يهجر الإنسان فيه عادته؛ لأنه يطلب الظلال والقائلة, وكذلك أصناف الحيوان, فكأنها تهجر ما كانت تعتاد.
وقوله: يترك الماء صادياً مبالغة مفرطة لأنه زعم أن الماء يتركه الهجير صادياً, وقد جرت عادته أن يشفي من صدي من صداه. وقد وصفت العرب ضنهم بالماء إذا قل, وأنه لا يسمح به إلا الكريم كما فعل كعب بن مامة. وقد زعم الفزدق أنه من على رفيقٍ له بحظه من الماء لما اقتسموه فقال: [الطويل]
فلما تصافنا الإداوة أجهشت ... إلي غضون العنبري الجراضم
فجاء بجلمودٍ له مثل رأسه ... ليشرب بين القوم ماء الصرائم
على حالةٍ لو أن في القوم حاتماً ... على جوده ضننت به نفس حاتم
وكيف يضل العنبري ببلدةٍ ... بها قطعت عنه فضول التمائم
يقال: تصافنوا الماء بالحصاة إذا اقتسموه بها, وأجهشت أي تهيأت للبكاء. غضون الوجه: آثار التكسر فيه, والجراضم: الضخم الشديد الأكل. ويروى: على جوده لضن بالماء حاتم؛ فقيل: خفض حاتماً لأنه جعله بدلًا من الهاء في قوله: جوده. وأنشده قوم: حاتمي بالياء على إضافة حاتمٍ إليها, وزعم قوم أنه مخفوض على المجاورة, وهو أضعف الوجوه.
وقوله:
أبا كل طيبٍ لا أبا المسك وحده ... وكل سحابٍ لا أخص الغواديا
إذا خفض كل عطف على كل طيبٍ, وإذا نصب حمل على النداء. وقالوا: تركته في كلة أرضٍ في معنى كل, فأدخلوا عليها الهاء وذلك قليل. ويجوز أن يكون اشتقاق كل من كلل الشيء إذا صار له إكليل, ويحتمل أن يكون من قولهم: ألقى عليه كله أي ثقله, ويكون قولهم: أخذه كله؛ أي أخذ ما يكل الحامل إذا حمله.
وقوله:
يدل بمعنى واحدٍ كل فاخرٍ ... وقد جمع الرحمن فيك المعانيا
يقال: عرفت ذلك في معنى كلامه ومعناته ومعناه ومعناته. وفتح الميم أكثر وأفصح, وعليه دل الاشتقاق؛ يقال: عنى فلان كذا إذا أرادوه, ويقال: عنيت بحاجتك؛ أي كأني قصدت بها لأقضيها, وأكثر ما يستعمل هذا فيما لم يسم فاعله, وقد جاء على غير ذلك, قال الراجز: [الرجز]
عني بأولاها كثير الشغل ... له جفيران وأي نبل
وقال آخر: [الطويل]
إذا لم تكن في حاجة المرء عانياً ... نسيت ولم ينفعك عقد الرتائم
الرتائم: جمع رتيمةٍ وهي خيط يشد لئلا ينسى الإنسان الحاجة.
وقوله: (246/أ)
إذا كسب الناس المعالي بالندى ... فإنك تعطي في نداك المعاليا
واحد المعالي: معلاة, وهي مبنية على الفعل, فلذلك جاءت معتلة اللام, وكذلك جميع ذوات الواو, نحو: يغزو ويعلو ويغدو, وتقول في مفعلة منه: مغزاة ومعلاة ومفداة. قال أعشى باهلة: [البسيط]
فإن يصبك عدو في مناوأةٍ ... فقد تكون لك المعلاة والظفر
وقوله:
وغير كثيرٍ أن يزورك راجل ... فيرجع ملكًا للعراقين واليا
قد مضى ذكر العراق واشتقاقه, وإذا قالوا: العراقان أرادوا الكوفة والبصرة, وقد يجوز أن يعنوا بالعراق الواحد بلداً يجمع الكوفة والبصرة وغيرهما, ثم يثنونه على ذلك كما قالوا:
المكتان؛ فيجوز أن يعنوا المكة أعلاها وأسفلها, ويحتمل أن يعنوا مكة والمدينة. قال نصر بن حجاج السلمي: [الطويل]
فأصبحت منفيا على غير ريبةٍ ... وقد كان لي بالمكتين مقام
وقوله:
فقد تهب الجيش الذي جاء غازياً ... لسائلك الفرد الذي جاء عافيا
أصل الغزو: القصد. يقال للرجل: ما مغزاك بهذا الكلام؛ أي ما مقصدك, ثم خص الناس بالغزو القصد للعدو. قال مالك بن الريب: [الطويل]
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى ... وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
ويقال للأتان إذا بعد عهدها بالحمل: هي مغزية العقاق؛ أي كأن عقاقها غازٍ فهو غائب عنها. يقال: امرأة مغزية إذا كان زوجها في الغازين, والعافي الذي يطلب الهبة؛ وكثر ذلك حتى قيل للطير التي تسقط على الشجر: عافية.
وقوله:
وتحتقر الدنيا احتقار مجربٍ ... يرى كل ما فيها - وحاشاك - فانيا
حاشاك: كلمة تستعمل في الاستثناء, ويقع بعدها المخفوض والمنصوب, فإذا وقع بعدها منصوب فهي فعل, وإذا وقع بعدها المخفوض فكأنه على إرادة لام الخفض, فلما كثر مجيئها بعد هذا الحرف جاز أن تحذف وهي في الإرادة كما حذفوا لا في القسم في قولهم: والله أفعل. وكثر قولهم: حاش لله وحاشى لله. وإذا خفضت حاشى فهي بعيدة من أن تحمل على أنها اسم, مثل: خاتمٍ وطابقٍ؛ لأن ذلك بناء قليل, ولاسيما في المعتل, والأشبه أن تحمل على حذف اللام.
وقوله:
وما كنت ممن أدرك الملك بالمنى ... ولكن بأيام أشبن النواصيا
يقول: لست ممن أدرك الملك براحةٍ واتفاقٍ؛ وإنما تمناه فقضي له؛ وإنما بلغت ما بلغت ببأسك ونجدتك. وقد جرت عادة الناس بأن يذكروا مشيب الرأس لما يلقاه الإنسان من الشدائد, وهو كلام قديم؛ وإنما جرت العادة بأن يشيب الإنسان إذا طال عمره. والغرائز تختلف فربما تأخر الشيب عن المسن وعجل إلى الحدث, وقد ألف الناس ما تقدم ذكره من أن الأمر المستصعب يشين؛ وفي الكتاب العزيز: {فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا} , وقال بعض المحدثين: [الخفيف]
إن أمراً جنى علي مشيب الـ ... ـرأس في ليلةٍ لأمر عظيم
وقوله:
عداها تراها في البلاد مساعياً ... وأنت تراها في السماء مراقيا
المساعي: جمع مسعاةٍ وهي مفعلة من سعيت في الأمر المحمود إذا مشيت فيه, وهو اسم عام يقع على الصغير والكبير في الأصل, ثم خصوا به الأمر الذي يؤدي إلى الحمد والشرف.
قال الأفوه: [الرمل]
أيها الساعي على آثارنا ... نحن من لست بسعاءٍ معه
والهاء في تراها عائدة إلى الأيام. يقول: عداك يحسبون (246/ب) أنك ساعٍ في الأرض وإنما مساعيك مراقٍ في السماء. وواحدة المراقي: مرقاة ومرقاة. واللغة الفصيحة: ورقيت في السلم بغير همز. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه كان يمشي الحسن أو الحسين على صدره فيقول:
خبقه خبقه ... ترق عين بقه
ويروى: حبقه بالحاء. وقد حكي: رقأت بالهمز. وقال الأفوه: [الوافر]
فارقأن منك على ظلعك قد ... فاتك القوم نجاراً وسعه
وقوله:
لبست لها كدر العجاج كأنما ... ترى غير صافٍ أن ترى الجو صافيا
يقال: عجاج أكدر وكدر, ويستعمل الكدر في الماء وغيره. قال الجعدي: [الطويل]
ولا خير في حلمٍ إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
وقالوا: كدر الشيء إذا سقط من علوٍ إلى أسفل؛ فأما قولهم للحمار الوحشي: كدر؛ فهو فعل من أنه كالشيء المنكدر من العلو أي سريع. قال الهذلي: [الطويل]
نجاء كدر من حميرٍ أبيدةٍ ... بكاهله والصفحتين كلوم
والمعنى أن الممدوح إذا رأى الجو صافياً لم يعجبه ذلك وإنما اختياره أن يثير الغبار فيكدر الجو.
وقوله:
وقدت إليه كل أجرد سابحٍ ... يوديك غضباناً ويثنيك راضيا
الهاء في إليها يجوز أن ترجع إلى العدى وإلى الأيام. وقد مضى ذكر القود وأن الرجل يوصف بأنه يقود الخيل فيكون في أولها وتتبعه فكأنه يقودها. ويقولون في الشعر: قدنا الخيل؛ يريدون أنهم ركبوا الإبل وجنبوا خيلهم إليها, وقد مضى ذلك. وصرف غضبان للضرورة, ولو ترك صرفه لظهر في البيت زحاف يقال له الكف, وهو مثل قول امرئ القيس: [الطويل]
ألا رب يومٍ لك منهن صالحٍ ... ولاسيما يوم بدارة جلجل
والعرب تختار صرف ما لا ينصرف على هذا الفن من الزحاف, كما قال الشاعر: [الطويل]
لا تعذلي في حندجٍ إن حندجاً ... وليث عفرينٍ لدي سواء
نون عفرين والمعروف ترك تنوينه. ويقال في المثل: «أشجع من ليث عفرين»؛ زعم الأصمعي أنه دويبة يتخذا الراكب ويضرب بذنبه. وزعم أبو عمرو الشيباني أنه الأسد. وقال عمرو بن قميئة: [مجزوء البسيط]
منه الصبوح التي تتركني ... ليث عفرين والمال كثير
والمعنى: أن هذا الفرس يحملك إلى الهيجاء أيها الممدوح وأنت غضبان, ويردك وقد رضيت؛ لأنك قد أدركت ما تريد من عدوك. والحندج: كثيب من الرمل صغير.
وقوله:
ومخترطٍ ماضٍ يطيعك آمراً ... ويعصي إن استثنيت أو صرت ناهيا
ومخترطٍ: يعني سيفاً. يقال: اخترط من غمده إذا سله. واستعار للسيف طاعةً وعصياناً, وإنما يريد أن يصفه بالمضاء, ونصب آمراً على الحال؛ أي هذا السيف إذا ضربت به كنت كالآمر له بالقطع, فإن أردتأن تستثني أو تنهاه عن المضاء فهو عاصٍ لك؛ أي يسبقك إلى ما أردته منه.
وقوله:
وأسمر ذي عشرين ترضاه وارداً ... ويرضاك في إيراده الخيل ساقيا
يعني بأسمر ذي عشرين رمحاً طوله عشرون ذراعاً. وذو عشرين يدل على معنى المالك والصاحب والرفيق ونحو ذلك. يقال: فلان ذو مال؛ أي صاحبه, وفلان ذو زيدٍ؛ أي رفيقه. وعلى ذلك (247/أ) قالوا: ذو رعينٍ, ذو جدنٍ, وذو يزنٍ. ولا يضاف ذو إلى مضمرٍ, وهو كناية عن شيءٍ كرهوا أن يضيفوا كنايةً إلى كنايةٍ.
وقوله:
كتائب ما انفكت تجوس عمائراً ... من الأرض قد جاست إليها فيافيا
يقال: جاس البلاد إذا تخللها, وفي الكتاب العزيز: {فجاسوا خلال الديار} , فإن كان هذا البلد المعروف بـ «جوسية» عربياً فهو فعلية من الجوس؛ وإلا فهو أعجمي وافق لفظه هذا اللفظ. والعمائر: جمع عمارةٍ, وهي الأرض المسكونة. والفيافي: المواضع الخالية.
وقوله:
غزوت بها دور الملوك فباشرت ... سنابكها هاماتهم والمغانيا
باشرت من المباشرة. وبشرة الإنسان: ظاهر جلده؛ يقال: باشر فلان غيره إذا ألصق بشرته ببشرته, واستعار المباشرة للسنابك وليس ذلك معروفاً فيها. والمغاني: جمع مغنى, وهو محل القوم ومسكنهم. يقال: غني القوم في المكان إذا أقاموا فيه؛ وكأنهم مع ذلك يوصفون بأنهم أغنياء. قال الأسود بن يعفر: [الكامل]
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشةٍ ... في عز ملكٍ ثابت الأطواد
وقوله:
وأنت الذي تغشى الأسنة أولاً ... وتأنف أن تغشى الأسنة ثانيا
إذا الهند سوت بين سيفي كريهةٍ ... فسيفك في كف تزيل التساويا
ساوت بالألف أشبه من سوت؛ لأنه جاء في القافية بالتساوي, فدل ذلك على ساوت, ولو جاء به على سوت لكان المصدر التسوي, وقد يستعمل الفعل على فاعلت وفعلت كقولك: عاليت الرجل وعليته, وباعدت الرجل وبعدته. يقول إذا ساوت الهند بين السيفين في المضاء فكفك تزيل التساوي؛ لأنك إذا ضربت بأحد السيفين جعلته أقطع من الآخر. ويحتمل البيت معنى آخر, وهو أن كفك كأنها سيف؛ فإذا ضربت بالسيف علم أن فضيلتها في المضاء أعظم من فضيلة السيف المضروب به.
وقوله:
ومن قول سامٍ لو رآك لنسله ... فدى ابن أخي نسلي ونفسي وماليا
صار نسب الناس إلى ثلاثة من أولاد نوحٍ, فالعرب والعبريون, وغيرهم ممن شاء الله, منتسبون إلى سام بن نوحٍ, والسودان كلهم ينتسبون إلى حام بن نوحٍ, والأتراك وعالم كثير ينتسبون إلى يافث بن نوح. والمعنى أن سام بن نوح لو رأى هذا الممدوح وفضله لآثر أن يفديه بالنفس والأهل والمال. وإنما يعني بأخيه: حاماً لأنه والد السودان كلهم, والممدوح من ولده.
وقوله:
مدى بلغ الأستاذ أقصاه ربه ... ونفس له لم ترض إلا التناهيا
الأستاذ: كلمة ليست بالعربية ووزنها أفعال, وقد قالوا في الكلام القديم: الأساتيذ في جمع أستاذٍ, ويقولون للصانع إذا كان حاذقًا بعمل الشيء: هو أستاذ فيه, ويقول المتعلم للصناعة لمعلمه: يا أستاذ, وصار الناس يكنون عن الخادم الخصي بالأستاذ؛ وذلك اصطلاح منهم وليس له أصل في العربية.
وقوله:
دعته فلباها إلى المجد والعلى ... وقد خالف الناس النفوس الدواعيا
دعته: يعني النفس, والهاء عائدة إلى الممدوح. وأصل الدعاء أن ينادي الإنسان بالآخر فيقول: يا فلان, ثم استعملوا ذلك في غير الصوت فقالوا: دعت الضيف النار إلى رأى ضوءها؛ فقصدها فكأنها نادته وإن لم يكن ثم نداء. قال الشاعر وذكر ضيفاً وناراً: (247/ب) [الطويل]
دعته بغير اسمٍ هلم إلى القرى ... فجاء يبوع الأرض والليل مقمر
يبوع الأرض: أي يقطعها. وقال آخر وذكر امرأةً: [الطويل]
دعاك إليها مقلتاها وجيدها ... فملت كما مال المحب على عمد
وقوله:
فأصبح فوق العالمين يرونه ... وإن كان يدنيه التكرم نائيا
يقول: العالم يرون هذا الممدوح متعالياً عليهم؛ وإنما يدنيه التكرم منهم فهو كالشمس يقرب ضوؤها من الحيوان وهي متعالية عليه. والقافية من المتدارك.











مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید