المنشورات

النظر في عواقب سوء الخلق:

وذلك بتأمل ما يجلبه سوء الخلق من الأسف الدائم، والهم الملازم، والحسرة والندامة، والبغضة في قلوب الخلق؛ فذلك يدعو المرء إلى أن يقصر عن مساوئ الأخلاق، وينبعث إلى محاسنها.
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن عقوباتها (أي المعاصي وسوء الأخلاق) سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله وعند خلقه، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأقربهم منه منزلة أطوعهم له، وعلى قدر طاعة العبد له تكون منزلته عنده، فإذا عصاه وخالف أمره سقط من عينه، فأسقطه من قلوب عباده، وإذا لم يبق له جاه عند الخلق، وهان عليهم عاملوه، على حسب ذلك، فعاش بينهم أسوأ عيش: خامل الذكر، ساقط القدر، زري الحال، لا حرمة له، فلا فرح له ولا سرور، فإن خمول الذكر وسقوط القدر والجاه، يجلب كل غم وهم وحزن، ولا سرور معه ولا فرح، وأين هذا الألم من لذة المعصية.
ومن أعظم نعم الله على العبد: أن يرفع له بين العالمين ذكره، وُيعلي له قدره" (1).
قلت: وليس هذا فحسب، بل تأمل ما يقول ابن القيم أيضاً: "ومن عقوباتها: أنَّها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف، وتكسوه أسماء الذم والصغار، فتسلبه اسم المؤمن، والبر، والمحسن، والمتقي، والمطيع، والمنيب، والولي، والورع، والصالح، والعابد، والخائف، والأواب،والطيب، والمرضيَّ ونحوها.
وتكسوه اسم الفاجر، والعاصي، والمخالف، والمسيء، والمفسد، والسارق، والكاذب، والخائن، والغادر وأمثالها" (1).
وتأمل عاقبة هذه المرأة التي كانت تصوم النهار وتقوم الليل، ولكنها سيئة الخلق في معاملتها مع جيرانها.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله! إنَّ فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل وتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا خَيرَ فيها، هِيَ من أهل النار". قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتصدق بأثوار (قطع من الأقط، وهو لبن جامد) ولا تؤذي أحدًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هيَ من أهل الجَنَّةِ" (2).
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِنْ أَحَبِّكُم إِلَيَّ وَأقرَبِكُم مِنِّي مَجلِسًا يَومَ القِيَامَةِ، أَحَاسِنَكُم أَخلَاقًا، وإِن مِن أَبغَضِكُم إِلَيَّ وَأَبعَدِكُم مِنِّي يَومَ القِيَامَةَ الثَّرثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيهِقُونَ"، قالوا: يا رسولَ الله، قَدْ عَلِمنَا الثَّرثَارِينَ وَالمُتَشَدقِينَ، فَما المُتَفَيهِقُونَ؟ قال: "المُتَكَبرُونَ" (3).










مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید