المنشورات
من آثار السلف في لوم النفس:
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه ارتقى الصفا، فأخذ بلسانه فقال: يا لسان قل خيرًا تغنم، واسكت عن شرِ تسلم، من قبل أن تندم. ثم قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " أكَثَرُ خَطَايَا ابنِ آدمَ فِي لِسَانِهِ" (3).
وقال مالك بن دينار رحمه الله: "رحم الله عبدًا قال لنفسه النفيسة: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله،فكان لها قائدًا" (1).
وقال الحسن البصري رحمه الله: "لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والعاجز يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه" (2).
فلوم النفس وتأنيبها هذه هي حكمة القلب، وما يسمى بتأنيب الضمير، وهذا ينبغي إحياؤه، فعلى الإنسان إذا وقع بعمل سوء أن يشعر بإحساس داخلي أنه قد أساء، وأنه قد أخطأ ويلوم نفسه هذا اللوم القلبي يدفعه إلى كراهيه هذا الخلق السيء، فهو دائم المحاسبة قبل العمل وبعده فهو بين محاسبتين.
قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "حَاسِبُوا أَنفُسَكُم قَبلَ أَن تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنفُسَكُم قَبلَ أَن تُوزَنُوا" (3).
وقال ابن أبي مُلَيكَةَ: "أدركتُ ثَلاثِينَ مِن أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - كلُّهم يخافُ النِّفاقَ على نَفسِهِ" (4).
فمحاسبة النفس أمر ضروري، وهذا اللوم والندم جزء من التوبة، بل توبة كما جاء في الحديث: "النَّدمُ تَوبةٌ" (1).
وهذا اللوم هو الندم، وهو أحد شرائط التوبة، ومحركات القلوب، فهو من الإيمان.
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا سَرَّتَكَ حَسَنَتُكَ وَساءَتكَ سَيئَتُكَ، فَأنتَ مُؤمِن" (2).
قال الناظم:
عجبت لمن يبكي على موت غيره ... دموعًا ولا يبكي على موته دما
وأعجبُ من ذا أن يرى عيب غيره ... عظيمًا وفي عينيه عن عيبه عمى
مصادر و المراجع :
١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ
المؤلف: خالد بن
جمعة بن عثمان الخراز
الناشر: مكتبة
أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت
الطبعة: الأولى،
1430 هـ - 2009 م
23 أبريل 2024
تعليقات (0)