المنشورات
العلمُ النافع:
العلم النافع الذي يحقق التزكية: هو كل علم يقرِّب من الله سبحانه، ويزيد الخشية منه، ويدفع إلى العمل الصالح.
ويدخل في هذا العلم الشرعي أولاً: وهو علم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ثم تأتي بعض العلوم الأخرى كالطب والفلك وغيرها مما يدفع العاقل إلى القول بضرورتها ونفعها، والعلم عبادة عظيمة، وهو مقدمة للعمل.
قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: 19].
وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].
وقال سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يُرِدِ الله به خَيراً يُفَقههُ في الدِّين" (1).
وحتى يؤدي العلم مهمته في تزكية النفس لا بد من أن يتحقق فيه شرطان:
الأول: العمل الصالح مع الإخلاص لله تعالى.
فالعلم النافع هو العلم الذي يتبعه العمل الصالح، ويحمل صاحبه على الأدب.
عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللهم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلمٍ لَا يَنفَعُ، وَمِن قَلبٍ لَا يَخشَعُ، وَمِن نَفسٍ لَا تَشبَعُ، وَمِن دَعوَةٍ لَا يُستَجَابُ لَهَا" (1).
الثاني: أن يتجنب المسلم المراء والخصام في مسائل العلم.
وهذا الشرط يجنب العاقل قسوة القلب، ويجعله يسير على نور من أمره، فالجدل والمراء مذمة؛ ولهذا حذر السلف منه.
قال ابن حزم:
"منفعةُ العلم في استعمال الفضائل عظيمة، وهو أنه يُعَلِّمُ حُسنَ الفضائل، فيأتيها -ولو في النُّدرة، ويُعَلمُ قُبحَ الرذائل، فيجتنبها- ولو في الندرة-، وَيسمعُ الثَّنَاءَ الحسنَ فيرغب في مِثله، والثناءَ الرَّديِّ، فينفر منه، فعلى هذه المقدمات يجبُ أن يكون للعلم حِصَّة في كل فضيلةِ، وللجهل حِصة من كل رذيلةِ، ولا يأتي الفضائلَ مَن لم يتعلَّم العلمَ؛ إلا صافي الطبع جداً، فاضل التَّركيب، وهذه منزلة خُصَّ بها النبِيون -عليهم السلام-؛ لأن الله تعالى علَّمهم الخير كلَّه دون أن يتعلمُوهُ من الناسِ" (2).
قال الشاعر:
العلم زينٌ فكن للعلمِ مكتسبا ... وكن له طالبًا ما عشت مقتبسا
اركن إليه وثق بالله واغن به ... وكن حليمًا رزينَ العقلِ محترسا
وكن فتًى سالكًا محضَ التقى ورعًا ... للدينِ مُغتنمًا في العلم منغمسا
فمن تخلقَ بالاَداب ظلَّ بها ... رئيس قومٍ إذا ما فارق الرؤسا
مصادر و المراجع :
١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ
المؤلف: خالد بن
جمعة بن عثمان الخراز
الناشر: مكتبة
أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت
الطبعة: الأولى،
1430 هـ - 2009 م
23 أبريل 2024
تعليقات (0)