المنشورات
تلقي أقدار الله تعالى بالرضا والصبر:
المسلم العاقل يتلقى أقدار الله بالرضا والصبر، فالمرض مثلًا لا يلائم الإنسان، فالإنسان يحبُّ أن يكون صحيحًا مُعَافى، وكذلك الفقر لا يلائم الإنسان، فالإنسان يحب أن يكون غنيًّا، وكذلك الجهل لا يلائم الإنسان، فالإنسان يحب أن يكون عالمًا، لكن أقدار الله عز وجل تتنوع لحكمة يعلمها الله سبحانه، منها ما يلائم الإنسان ويستريح له بمقتضى طبيعته، ومنها ما لا يكون كذلك، فما هو حسن مع الله عز وجل نحو أقدار الله، فهو حسن مع الخلق نحو أقداره سبحانه: أن ترضى بما قدر الله لك، وأن تطمئن إليه، وأن تعلم أنه -سبحانه وتعالى- ما قدره إلا لحكمة عظيمة وغاية محمودة يستحق عليها الحمد والشكر (1).
قلت: كثيرًا ما يُسأل النَّاس عن أمانيهم في الحياة؟
فإن كان أحدهم فقيرًا معدمًا، لتمنى أن يعيش غنيًا منعمًا، وإن كان مريضًا شل المرض حركته، لتمنى العافية والشفاء، وإن كان طالبًا لتمنى الإجازة العلمية، ثم العمل المرموق.
فالأدب مع الله تلقي أقدار الله تعالى بالرضى والصبر، والرضى: يعني سرور النفس بما يصيب الإنسان من خير أو شر، أو حلو أو مر، أو يفوته من الله سبحانه.
قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)} [البقرة: 155].
فالابتلاءات كثيرة، هذا بالمرض، وهذا بالموت، وذاك بالجوع، وآخر بالمصائب، وفلانة بحرمان الزوج، وآخر بالعقم.
هذا يسعى ويعلم ولده، ويكدح في توفير العمل المناسب له، ثم يسقط الولد يوم العمل ميتًا.
وذاك يسعى ويكدح لتتخرج ابنته طبيبة، وفي يوم فرحتها بالشهادة، تأتي مركبة مسرعة فتصطدم بها وتموت.
وذاك يجمع ثروة عظيمة، فتأتي النار فتحرق ماله، فالمصائب ألوان، والله المستعان.
والعاقل من يجعل صبره اختياريًّا، بمعنى أن يرضى بقضاء الله وقدره الواقع به، دون تأفف أو اعتراض باختياره؛ لأنه مؤمن بأنه لا يستطيع له دفعًا، وهو أمر الله سبحانه، وعليه -حتى يكون أمره ممدوحًا- بالصبر والرضا فينبغي التسليم لقضاء الله وقدره، فيكون صبره اختياريًّا حامدًا مولاه على كل حال، وهذا أكمل الصبر.
مصادر و المراجع :
١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ
المؤلف: خالد بن
جمعة بن عثمان الخراز
الناشر: مكتبة
أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت
الطبعة: الأولى،
1430 هـ - 2009 م
23 أبريل 2024
تعليقات (0)