المنشورات

لا تقل نَسيتُ، ولكن قل: أُنسيت، أو أُسقطت، أو نُسّيت:

ودليل ذلك حديث ابن مسعود قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بِئسَمَا لِلرجُلِ أن يَقُولَ: نَسِيتُ سُورَةَ كَيتَ وَكَيتَ، أَوْ نَسِيتُ آيَةَ كَيتَ وَكَيتَ، بَل هُوَ نُسِّيَ" (2).
قلت:
ولعل الحكمة في الكراهية هي ما أشار إليه الإمام النووي بقوله: "وفيه -أي الحديث- كراهية قول نسي آية كذا، وهي كراهة تنزيه وأنه لا يكره أُنسيتها، وإنما نهي عن نسيتها؛ لأنه يتضمن التساهل فيها والتغافل عنها" اهـ (3).
والسؤال: لماذا يكره أن يقول المسلم: نسيت؟ الجواب: لأن هذا إقرارٌ بفعله وتقصيره، ولا يليق به التقصير.
ومن روائع ما نقل عن الصحابيين الجليلين معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- وتذاكرهما القرآن الكريم، قال معاذ: يَا عَبدَ اللهِ، كَيفَ تَقرَأُ القُرآنَ؟ قال: أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا. قال: فَكَيفَ تَقرَأُ أَنتَ يَا مُعَاذُ؟ قال: أَنَامُ أَوَّلَ الليلِ فَأقُوم وَقَد قَضَيتُ جُزئِي من النومِ، فَأقرَأُ مَا كَتَبَ اللهُ لي، فَأحتَسِبُ نَومَتِي كَمَا أَحتَسِبُ قَومَتِى" (1).
وفي رواية أخرى عند البخاري، فقال مُعَاذ لأبِي مُوسَى: كَيفَ تَقرَأُ القرآن؟ قال: قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي، وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوقًا، قال: أَما أنا فَأنَامُ وَأَقُومُ، فَأحتسبُ نَومَتِي كَمَا أَحتَسِبُ قَومَتِي".
وعلى هذا قال العلماء: لا يليق بالحافظ له أن يغفل عن تلاوته، ولا أن يفرط في تعاهده، بل ينبغي أن يتخذ لنفسه منه وردًا يوميًا يساعده على ضبطه، ويحول دون نسيانه رجاء الأجر والاستفادة من أحكامه عقيدة وعملًا، ولكن من حفظ شيئًا من القرآن ثم نسيه عن شغل أو غفلة فليس بآثم، وما ورد من الوعيد في نسيان ما قد حفظ لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.










مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید