المنشورات

وجوب تدبُّر القرآن الكريم:

تضافرت النصوص على تدبر آيات القرآن الكريم، "فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل فيه وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها، وعلى طرقاتها وأسبابها وغاياتها وثمراتها، ومآل أهلها، وتَتُلّ في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة, .. وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم، وأحوالهم وسيماهم، ومراتب أهل السعادة، وأهل الشقاوة" (2).
قال الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} [النساء: 82].
وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)} [ص: 29].
قال الشوكاني -رحمه الله-: "وفي الآية دليل على أن الله سبحانه إنما أنزل القرآن للتدبر والتفكر في معانية، لا لمجرد التلاوة بدون تدبر" (1).
وقال -عز وجل-: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)} [المؤمنون: 68].
وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} [محمد: 24].
وقد امتدح الله سبحانه البكائين في القرآن الكريم فقال {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)} [الإسراء 107: 109].
قال ابن قيم الجوزية: "فلا شيءَ أنفعُ للقلب من قراءة القرآن بالتَّدبرِ والتفكر؛ فإنه جامع لجميعِ منازل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفينَ، وهو الذي يُورثُ المحبةَ والشوقَ والخوفَ والرجاءَ والإنابةَ والتوكلَ والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياةُ القلب وكمالُهُ.
وكذلك يزجرُ عن جميع الصفات والأفعالِ المذمومةِ التي بها فسادُ القلبِ وهلاكُهُ.
فلو علمَ الناسُ ما في قراءةِ القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها، فإذا قرأهُ بتفكرِ حتى مرَّ بآيةِ بتفكرٍ وتفهمٍ خيرٌ من قراءةِ ختمةٍ بغير تدبرٍ وتفهمٍ، وأنفعُ للقلبِ، وأدعى إلى حصول الإيمانِ وذوق حلاوة القرآن.
وهذه كانت عادة السلف يُرَدِّدُ أحدهم الآيةَ إلى الصباح .. فقراءة القرآن بالتفكر هي أصلُ صلاح القلب" (1).










مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید