المنشورات
من للرسول - صلى الله عليه وسلم - اليوم؟!
الكتاب العزيز مملوء بدعوة العقلاء إلى الأدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه الرحمه، وهو المثل، والهادي البشير، والسراج المنير.
كيف لا؟ وهو - صلى الله عليه وسلم - القدوةُ الكاملةُ، والأسوةُ الحسنةُ لكل من كان يرجو اللهَ واليومَ الآخرَ.
شرح الله صدره، ووضع وزره، ورفع ذكره، وأوجب طاعته، وحرم خيانته.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)} [الأنفال: 27].
وأقسم الله سبحانه أنه ما قلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما في سورة الضحى:
{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى1: 3].
وما تخلف ركبُ الأمةِ اليومَ إلا يومَ أن تخلفت عن الأدبَ معه - صلى الله عليه وسلم -، وما تجرع إفرادُ الأمةِ مراراتِ البعد عن جمالِ الحياةِ وطيبِ معانيها إلا يومَ أن بعدت نفوسهم عن سيرته الرائعةِ، وعن هديه، فصاروا يركضون وراء كلِّ من أوتَى ظاهرًا من الحياةِ الدنيا، يخلعون عليه لباسَ العظمةِ والبهاء، باسمه وقوله وشخصه زعمًا وزورًا.
فكم من صفيق وجه صفقوا له، وكتبوا عنه الأسفار، وتناقلوا أقواله! وكم من سفيهٍ نصَّبوه إماما يُقتدى به، فأضحى الذي أملوه سرابًا بقيعةٍ وأضغاثَ أحلام!
فالبعد عن سيرةِ نبينا - صلى الله عليه وسلم -، والاهتداء بغيره، هو مستنقع الجهل، وهُوة الضلال، وحياة الشقاء، وطاعته هداية وسعادة وفوز.
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].
ومع هذا الاقتداء أوجب الله سبحانه محبتهُ، وألا نقدمَ علي محبته شيئًا بل نفديه بكل شيء وندافع عنه، وأن نتأدب معه - صلى الله عليه وسلم -.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الرسول عليه الصلاة والسلام يباين سائر المؤمنين من أمته في عامة الحقوق فرضًا وخطرًا وغيرهما، مثل وجوب طاعته ووجوب محبته وتقديمه في المحبة على جميع الناس، ووجوب تعزيره وتوقيره على وجه لا يساويه فيه أحد، ووجوب الصلاة عليه والتسليم إلى غير ذلك من الخصائص التي لا تحصى" (1).
وقال ابن قيم الجوزية -رحمه الله-:
"أمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأعاد الفعل إعلامًا بأن طاعة الرسول تجب استقلالًا من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقًا، سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه، فإنه أوتي الكتاب ومثله معه" (2).
قلت: والمسلم الموفق، هو الذي ينصر نبيه، "والمسلم الذي لا يعيش حبُّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قلبه، ولا تتبعُهُ بصيرتُهُ في عمله وتفكيره، في كل لحظةٍ من لحظاتهِ لا يُغني عنه أبدًا التغني بسيرته، ولا صياغة النعوت في مدائحه، وليس هناك أغلى وأعلى من مدح ربه جل وعلا له، وثنائه عليه؛ أما رفع ذكره، وأعلى قدره، وشرح صدره؟! صلوات الله وسلامه عليه" (1).
مصادر و المراجع :
١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ
المؤلف: خالد بن
جمعة بن عثمان الخراز
الناشر: مكتبة
أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت
الطبعة: الأولى،
1430 هـ - 2009 م
23 أبريل 2024
تعليقات (0)