المنشورات

عدم رفعَ الأصواتُ فوقَ صوت النبي.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} [الحجرات: 2].
ومن الأدب معه - صلى الله عليه وسلم -: ألا ترفع الأصوات فوق صوته، فإنهُ سبب لحبوطِ الأعمالِ، فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سُنته وما جاء به؟ أتَرى ذلك موجبًا لقبولِ الأعمالِ، ورفعُ الصوتِ فوقَ صوتهِ بل مُوجبٌ لحبوطها (1).
ومن جميل ما يذكر في هذا الباب حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتقد ثابتَ بن قيسٍ، فقال رجل: يا رسولَ اللهِ، أنا أعلمُ لكَ عِلمه، فأتاهُ فوجدهُ جالسًا في بيتهِ منكسًا رأسه. فقال: ما شأنُك؟ فقال: شرّ؛ كان يرفعُ صوتهُ فوقَ صوتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد حبطَ عمله، وهو من أهل النار، فأتى الرجلُ فأخبرهُ أنه قال كذا وكذا، [قال الراوي: موسى بن أنس]: فرجع المرةَ الآخرةَ ببشارةٍ عظيمة، فقال: "اذهب إليه فقل له: إنك لستَ من أهل النار، ولكن من أهل الجنة" (2).
تأمل خوف الصحابي من أن يحبط عمله ومحبته لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وصدقه أورثه كرامة كبرى.
قال الإمام الحافظ حَماد بن زَيد - رضي الله عنه -: في قوله: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2]. قال: أرى رفع الصَّوت عليه بعد موته كرفع الصَّوت عليه في حياته؛ إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصِتَ له كما تنصِتُ للقرآن يعمر" (3).
ومن الجهلة من يرفع صوته منكرًا السنة النبوية، أو الذين تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن، متمسكين بزعمهم بالقرآن فقط، ناسين أو متناسين أن السنة النبوية جاءت شارحة ومفصلة ومقيدة للقرآن، كما أن السنة جاءت بأحكام جديدة كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إني أوتيت القرآن مثله معه" (1).
وكيف لهؤلاء الجهلة بالصلاة وكيفيتها، وأنصبة الزكاة، والحج وغير ذلك.
وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمثال هؤلاء الجهلة؛ كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أُلفِيَن أحدكم متكئًا على أريكته، يأتيه الأمر مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه" (2).
قال الخطابي - رضي الله عنه -: "فإنه -أي النبي- يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما ليس في القرآن ذكره" (3).











مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید