المنشورات
إبرام الشيخ وإضجاره:
من الأخلاق السيئة إبرام الشيخ وإضجاره، وذلك عن طريق الأسئلة المعروفة والمكررة والمعادة؛ لما يترتب عليها من ضياع للوقت، وإجهاد للشيخ.
قال الإمام الزهري: "إعادة الحديث أشد من نقل الصخر".
ومن الأمثلة الدالة على ذلك أيضاً إطالة الجلوس عند الشيخ وهو كاره، أو زيارته في غير الأوقات المناسبة، أو الاتصال به في الأوقات المكروهة، فينبغي لطالب العلم أن يتحين الوقت المناسب لزيارة شيخه أو سؤاله أو القراءة عليه.
قال ابن عباس - رضي الله عنه -: وجدت عامة علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هذا الحي من الأنصار، إن كنتُ لأقيل بباب أحدهم ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن لي عليه، ولكن ابتغى بذلك طيب نفسه.
ومن سوء الأدب أن يؤمر الشيخ ويطلب منه على وجه الغصب، ويلزم بما لا يحب؛ كطلب بعضهم زيارته مع انشغاله واعتذاره، أو تقديم درس ونحوه.
ومن حسن الأدب رقة العبارة في الطلب بصيغة العرض، بعيدًا عن الأمر والإلزام، ولبعض أصحابي نادرة ظريفة ومفيدة مع شيخنا الإمام العلامة أبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني -رحمه اللهُ وبلَّ بالرحمةِ ثراه-، فقد اتفق بعض أصحابنا رفقاء الدرب في الدعوة إلى الله من ضاحية الفيحاء العامرة في الكويت على زيارة شيخنا الألباني في الأردن، فسافروا من الكويت عن طريق البر لزيارته وهو من أفراد العصر، وفور الوصول تم الاتصال به هاتفيًا يطلبون منه موعدًا للزيارة، فاعتذر لهم بسبب كثرة أشغاله، ثم إنه كبير السن، فأخذ بعضهم سماعة الهاتف قائلًا: يا شيخ، لا بد من تحديد موعد للزيارة فنحن جئناك من بلاد بعيدة، ولا بد أن تأذن لنا باللقاء معك، وعندنا مسائل مهمة كل ذلك بصيغة الأمر! تأمل "لا بد من تحديد موعد - لا بد أن تأذن لنا"، فكرر الشيخ الاعتذار وحق له ذلك، وانتهت المكالمة وخيم الوجوم على الإخوة بالصمت.
ثم أخذ الهاتف أحد الأخوة وكرر الاتصال، وكان ذكيًا بتغيير أسلوب المحادثة ورقة العبارة وحسن العرض في الطلب، وبعد السلام قال للشيخ: يا شيخ ما رأيك لو أذنت لنا في الوقوف عند بابك، فتخرج لنا رأسك من طرف الباب ونقبل رأسك وننصرف عائدين لبلدنا، لا نريد غير ذلك حتى إذا عدنا إلى بلدنا الكويت وقيل لنا: هل كانت لكم لقيا في حياتكم مع الإمام العلامة محمد ناصر الدين الألباني؟ نقول: نعم بحمد الله طرقنا بابه وفتحه لنا يومًا وقبلنا رأسه ثم انصرفنا وأغلق الباب!!
فما كان من الشيخ إلا أن قال: والله ما كان لي أن أردكم، تعالوا مرحبًا بكم في بيتكم، فسررنا بذلك وجلسنا عنده الساعات، واستفدنا منه علمًا كثيرًا، وتكررت الزيارات بسبب رقة العبارة والتلطف في السؤال، وحسن الطلب بعيدًا عن الأمر والنهي، فلله كم من كلمة طيبة فتحت بابًا مغلقا!
أما أدب المهاتفة مع الشيخ، فينبغي أن تكون بأدب، وفي وقت مناسب للاتصال، والحذر من الاتصال على غير هاتف الفتوى، أو تسجيل المهاتفة ونشرها دون إذن المفتي، أو الإطالة معه بما يضيع وقته.
مصادر و المراجع :
١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ
المؤلف: خالد بن
جمعة بن عثمان الخراز
الناشر: مكتبة
أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت
الطبعة: الأولى،
1430 هـ - 2009 م
24 أبريل 2024
تعليقات (0)