المنشورات

الأدب مع الوالدين

البر لغة: بالكسر ضد العقوق، وهو اسم جامع لكل معاني الخير.
أما في الاصطلاح: التوسع في الإحسان إليهما وضده العقوق.
أما الوالدان: الأب والأم , ويشمل لفظ (الوالدين) الأجداد، والجدات.
* قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} .... {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)} [النساء: 36].
بعد أن أمر الله تعالى عباده بعبادته وحده لا شريك له، والخضوع، والإخلاص له، والانقياد لأوامره، والانتهاء عن الإشراك به -عطف عليه الإحسان إلى الوالدين، والبر بهما، ودفع الأذى عنهما، وهذا يدل على عظم حقهما في هذه الآية الكريمة، والآيات في هذا الباب كثيرة.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: مرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على عبدِ اللهِ بن أبي ابن سَلُولَ، وهُوَ في ظِل أَجَمَةٍ، فقال: قد غبَّر عَلينا ابنُ أَبي كَبشَةَ. فقال ابنُهُ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ: والذي أَكرَمَكَ وأَنزَلَ عليك الكتابَ إن شِئتَ لآتينك برأسهِ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا، ولكن بِرَّ أباكَ، وَأَحسِن صُحبَتَه" (1).
والأحاديث في هذا المعنى وفيرة، وأحيلك -أخي القارئ- على كتابي (بر الوالدين آداب وأحكام) (2) فإنه نافع بإذن الله تعالى في هذا الباب.
آداب بر الوالدين
1 - مخاطبة الوالدين بألفاظ الاحترام والتوقير، مع خفض الصوت، والاستماع لهم، وعدم مقاطعتهم.
2 - عدم حدّ النظر إليهم.
3 - عدم المشي أمامهم إلا لنفعهم، أو الاتكاء عليهم، أو تسميتهم بأسمائهم.
قال ابن محيريز: "من مشى بين يدي أبيه فقد عقه، إلا أن يمشي فيميط له الأذى عن طريقه، ومن دعا أباه باسمه أو كنيته فقد عقه، إلا أن يقول: يا أبت" (1).
4 - إلقاء السلام عليهم عند الدخول والخروج.
5 - عدم بدء الطعام أو الشراب قبلهما.
6 - الدعاء لهما مع إظهار الود، وإكثار الشكر لهما على ما قاما في حقك.
7 - ملازمتهما عند المرض والقيام بحقهما عليك.
8 - النفقة عليهما، والحج والاعتمار عنهما إن عجزا عن ذلك.
عن أبي هريرة قال: بينما نحن جلوس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ طلع علينا شاب من الثَّنِيَّةِ، فلما رأيناه بأبصارنا قلنا: لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل الله؟! قال: فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "وما سبيل الله إلا من قُتلَ؟ مَن سعى علي والديه ففى سبيل اللهِ، ومن سعى علي عيالهِ ففي سبيل الله، ومن سعى على نفسه ليُعفَّها ففي سبيل الله، ومن سعى على التكاثر ففى سبيل الشيطان"، وفي رواية: "الطاغوت" (1).
9 - عدم السفر، أو الجهاد قبل استئذانهما.
10 - الاستئذان عليهما عند الدخول.
11 - الصلاة عليهما بعد موتهما ودفنهما.

* متى يسمى الابن بارًا؟
والعقلاء هم الأبرار، ولا يسمى الابن بارًا إلا إذا تحققت فيه الشروط التالية:
1 - أن يؤثر رضا والديه على رضا نفسه وزوجته وأولاده والناس أجمعين.
2 - أن يطيعهما في كل ما يأمرانه به من معروف، وأن ينتهي عن كل ما ينهيانه عنه، سواءً وافق رغباته أم لم يوافقها ما لم يأمرانه بمعصية.
3 - أن يقدم لهما كل ما يلحظ أنهما يرغبان فيه من غير أن يطلباه منه عن طيب نفس وسرور، مع شعوره بتقصير في حقهما ولو بذل لهما حياته وماله.
4 - أن يستمر بره لهما حتى بعد مماتهما، وأن يلهج بالدعاء لهما.
والعاقل من يتصف بصفة الوفاء، وبالأخص مع الوالدين في سن الكبر.

* المعاملة الواجبة عند الكبر:
فالمعاملة الواجبة في الكبر تتأكد في الأمور التالية:-
* المداومة على زيارتهم.
* الصبر على تصرفاتهم بعدم التململ والضجر.
* علاجهم عند المرض، والصبر على ذلك.
* ملء الفراغ عندهم بما ينفعهم.
* المساهمة في رفع زيادة الإيمان عندهم.
* السخاء عليهم بالمال والعطاء والدعاء لهم.
* صلة أصدقائهم، وبالأخص بعد وفاتهم.
فقل لي بربك أيها البار: هل من العقل عقوق الوالدين، ورفض الثمرات المترتبة علي برهما؟ هل من العقل؟ نسيان وصية الله بالوالدين؟ ونسيان الفضائل المناطة بذلك؟
ثم سل العاق: أترضى أن تُعجل لك العقوبة في الدنيا؟ وترفض أعمالك، ولا ينظر الله إليك في الآخرة؟
وقل للعاق: أتحب أن تُعَامل مثلما تُعِامل به أبويك؟ أيصح في عقلك ترك الجنة ودخول النار؟ قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)} [الملك: 10].
"أيها المضيع آكد الحقوق المعتاضُ من بر الوالدين العقوق، النَّاسي لما يجب عليه، الغافل عما بين يديه، بر الوالدين عليك دين، وأنت تتعاطاه باتباع الشين، تطلب الجنة بزعمك، وهي تحت أقدام أُمك" (1).










مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید