المنشورات

الأدب مع الأرحام

اعلم- رعاك الله- أيها العاقل الودود أن خِلال المكارم كثيرة، وشُعب الإيمان متعددة، وإن من أحسن هذه الخلال صلة الأرحام، والإحسان إليهم وصلتهم في المقال والفعال، وبذل الأموال.
قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
ولا يخفى على كل ذي لُبٍّ أن المتغيرات الاجتماعية في ظل المتغيرات الحياتية، ووسائل الاتصال الحديثة نتج عنها بعض التغيير على الكيان الأسري من ضعف التواصل، وقلة الاجتماع، وكثرة القطيعة، مع ضعف الوازع الديني، وإذا استمر هذا التصدع في الأسرة أوشك أن يؤثر ذلك في التماسك الاجتماعي، وعندما ضعف الترابط الأسري كثرت الجرائم، وزادت المشكلات، وارتفعت نسب الطلاق، وأُقيمت القضايا في المحاكم، وبهذا قلَّ التواصل بين الأرحام، وكثرت القطيعة حتى غدت ظاهرة التفكك الأسري ظاهرة العصر، وزادت نسب العقوق في الناس لأقرب الناس، فهناك آباء يعقون الأبناء، وأبناء يعقون الآباء، وإذا كان هذا عند أقرب النَّاس فما بالنا بباقي الأرحام وذوي القربى.
ولمَّا كانت صلةُ الرحمِ من الأهمية بمكان، فرضها الله في جميع الأديان السماوية السابقة، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)} [البقرة: 83].
وتُعتبرُ صلة الرحم من الواجبات التي أخل بها كثير من الناس، والتي بتركها تتقطع أواصر الأسر، وتتسع دائرة القطيعة، وتنحلُّ بها قوى المجتمع حتى توارثها بعض الأبناء عن الآباء، وهذه نصائح عامة بالكلمة الطيبة أقدمها بين يديك راجيا من المولى الكريم، أن تحقق الهدف المنشود الذي كتبت من أجله، وتنبه القاطع بما عليه من خطر العاقبة كما قال المولى جل وعلا: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)} [محمد: 23].
وأرجو من المولى الكريم أن تُسلي الواصلين بالثواب الموعود {أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)} [الرعد: 22].
عن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَهلُ الجنَّةِ ثَلاثةٌ: ذو سُلطانِ مقسِطٌ مُتَصدق مُوفَّقٌ، ورجُل رحيِم رقيقُ القَلبِ لِكُل ذي قُربى، ومُسلِمِ عفيف مُتَعَفِّف ذو عِيَالٍ" (1).









مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید