المنشورات

كيف تكون صلة الرحم؟

اعلم -علمني الله وإياك- أن الصلة تختلف من شخص لآخر، وهي درجات بعضها أرفع من بعض كما تقدم ذكره، وقد أجمَلَ القول ابن أبي جمرة، فقال: "تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجّارًا، فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى" (2).
قلت: وفي قول ابن أبي جمرة قيد مهم لمن امتنع عن صلة بعض الأرحام لفجوره، كمن يتعرض للإيذاء بدينه عند زيارة بعض أرحامه برؤية الفواحش والمنكرات، ولا يستطيع تغييرها، أو أمّ تدفع بناتها للتعرف على الشباب الماجن عند زيارتها، أو أم مطلقة كلما زارها أولادها أخذت تدرسهم طريق الانحراف والضياع نكاية بطليقها، أو أب يطرد أبناءه عند زيارتهم له لدينهم وتمسكهم بالسنة النبوية، وعلى هذا فقس، ومثل هؤلاء الفساق يمكن صلتهم عن طريق الوسائل الحديثة (الهاتف) بالسلام والكلام فقط؛ حفظًا لدين الواصل وإيمانه، ولكنه يجتهد في نصحهم ما أمكن، فإن عجز عن ذلك هجرهم هجرًا جميلًا، ودعا لهم بالهداية بظهر الغيب.
وقال ابن أبي جمرة: "المعنى الجامع للصلة: هو إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر حسب الطاقة".
وقال النووي: "صلةُ الرحم هي الإحسانُ إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارةً تكونُ بالمالِ وتارةً بالخدمةِ، وتارةً بالزيارة والسلام وغير ذلك" (1).
قلت: وتكون كذلك بعيادة المريض، وإجابة الدعوة والتهنئة بما يسر، والتعزية لكل مصيبة، وسداد الديون، وتفريج الكرب، والخدمة، والنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعوتهم لكل خير، وغير ذلك.











مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید