المنشورات

إعلان المحبة لله تعالى.

الحب في الله أوثق عرى الإيمان، والمتحابون في الله لهم منابر من نورٍ يوم القيامة يغبطهم النبيون والشهداء، والحب في الله فضيلته أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، والحياة لها طعم حين نعيشها لله، ولها طعمان حين نعيشها مع أُناسِ نُحِبُّهم في الله ويحبوننا، وكلمة (أحبك) محببة للنفس، وعندما تقال لله يكون لها وقع في النفوس، فالحب في الله مساحة كبيرة، وأرض فسيحة نباتها الصدق والإخلاص وماؤها التواصي بالحق والصبر، ونسيمها حسن الخلق، فما أشجَى الأسماع مثل كلمة أُحِبُّك في الله.
عن المقداد بن معدي كرب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه" (1).
وفي رواية: "إذا أحبّ أحدكم أخاه فليعلمه فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المحبة" (2).
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله" (3).
قال بعض الصالحين: كلما قرأت قوله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)} [الزخرف: 67]. ندمت على كل صحبة ورفقة، وإذا قرأت {إِلَّا الْمُتَّقِينَ} فرحت أنَّ لي أخوة أحبهم في الله.
من كمال الشريعة الإسلامية حث العباد على توثيق الصلات، وجمع الشمل بدعوة العباد إلى الحب في الله إذا اتصفوا بمكارم الأخلاق، فيكون الحب لهم لله لا لذة ولا منفعة، كما ندب الإسلام المسلم إذا أحب فلانًا أن يقول له: إني أحبك في الله حتى يستميل قلبه ويستجلب وُدَّهُ.

قال المناوي -رحمه الله-:
"قوله: (فليخبره أنه يحبه) بأن يقول إنِّي أحبك لله أي لا لغيره من إحسان أو غيره، فإنه أبقى للألفة وأثبت للمودة، وبه يتزايد الحب ويتضاعف وتجتمع الكلمة، وينتظم الشمل بين المسلمين وتزول المفاسد والضغائن وهذا من محاسن الشريعة" (1).
(تنبيه) نبه الشيخ المناوي في "فيض القدير" أن ظاهر الحديث لا يتناول النساء فإن اللفظ (أحد) بمعنى واحد وإذا أريد المؤنث إنما يقال إحدى لكنه يشمل الإناث على التغليب وهو مجاز معروف مألوف وإنما خص الرجال لوقوع الخطاب لهم غالبًا، وحينئذٍ إذا أحبت المرأة أخرى لله ندب إعلامها.
قال سفيان بن عيينة -رحمه الله-: "من أحب رجلًا صالحًا فإنما يحب الله تبارك وتعالى" (2).
كل صحبة لا تقوم على الحب في الله فإنها لا تقوى، ومما يوثق الحب إعلان المحبة.
ولك أن تبصر هذه الصورة الرائعة، وأثرها الطيب في تبادل الحب كما في حديث أنس - رضي الله عنه - قال: كنت جالسًا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ مرَّ رجل، فقال رجل من القوم: يا رسول، إني لأحب هذا الرجل. قال: "هل أعلمته ذلك"؟ قال: لا. فقال: "قم. فأعلمه" قال: فقام إليه فقال: يا هذا، والله إني لأحبك في الله. قال: أحبك الذي أحببتني له (1).
وتأمل كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أصحابه ويعلن ذلك أمام الملأ، ولكل من سأل، فعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثهُ على جيش ذات السلاسل، فأتيتهُ فقلتُ: أيُّ الناس أحبُّ إليكَ؟ قال: "عائشة" قلتُ: من الرجال؟ قال: "أبوها". قلتُ: ثمَّ من؟ قال: "عمر". فعدَّ رجالًا (2).
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسامة أحب الناس إليَّ" (3).











مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید