المنشورات
أدب الرئيس والرؤوس
الإسلام دين العمل والجد والنشاط وطلب الرزق، وقد أمر المولى -عز وجل- عبادة بالسعى في الأرض والأكل من رزقه.
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)} [الملك: 15].
وقال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} [الجمعة: 10].
وعن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يأخد أحدكم حبله فيأتي الجبل بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها فَيكُفُ الله بها وجهه خيرٌ له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه" (1).
عن المقدام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أكَلَ أَحَد طَعَاما قط خَيرًا من أن يَأكلَ من عَمَلِ يَدهِ وَإِن نَبِيَّ اللهِ داوُدَ كَانَ يَأكلُ من عَمَلِ يَده" (2).
عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا بَعَثَ الله نَبِيا إِلا رَعَى الغَنَمَ"، فَقَالَ أَصحَابُهُ وَأَنت؟ فَقَالَ: "نعَم كُنتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهلِ مَكةَ" (3).
ثم عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتجارة، يتجر في مال خديجة أم المؤمنين - رضي الله عنها-. والأنبياء جميعًا هم قدوتنا في العمل، فمنهم من كان نجارًا، ومنهم من كان حدادًا، ومنهم من عمل في التجارة.
قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)} [الفرقان: 20] أي يحترفون ويتجرون، واختص الله سبحانه داود عليه السلام بصناعة الدروع للوقاية في الحروب.
وقال سبحانه: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80)} [الأنبياء: 80].
وسجل القرآن مقالة إحدى ابنتي صاحب مدين بعد أن سقى لهما موسى -عليه الصلاة والسلام-: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26].
وعلى لسان يوسف -عليه الصلاة والسلام-: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان زكريا نجاراً" (1).
قال المناوي:
"فيه إشارة إلى أن كل أحد لا ينبغي له أن يتكبر عن كسب يده؛ لأن نبي الله -مع علو درجته- اختار هذه الحرفة، وفيه أن التجارة لا تسقط المروءة، وأنها فاضلة لا دناءة فيها، فالاحتراف فيها لا ينقص من مناصب أهل الفضائل" (2).
قال القرطبي: "بل الحرف والصنائع غير الدينية زيادة في فضل أهل الفضل؛ لحصول مزيد من التواضع والاستغناء عن الغير، وكسب الحلال الخالي عن المنة. قال: وقد كان كثير من الأنبياء يزاولون الأعمال؛ فآدم في الزراعة، ونوح النجارة، وداود الحدادة، وموسى الكتابة كان يكتب التوراة بيده، وكل منهم قد رعى الغنم" اهـ.
والعامل الناصح له أجر عظيم إذا صدق في عمله وأخلص فيه؛ كما جاء بذلك الحديث عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العَامِلُ إذا استعمِلَ فأخَذ الحق، وأعطى الحق، لم يزَل كالمُجاهِدِ في سبيلِ الله حَتى يَرجِعَ إلى بَيتِه" (1).
وتنوعت المهن والحرف عند الصحابة رضوان الله عليهم، فمنهم في التجارة كالخلفاء الراشدين، وغيرهم، ومنهم عمال أنفسهم حتى يوم الجمعة قالت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -: "كان الناسُ مَهَنَةَ أنفسهم، وكانوا إذا راحُوا إلى الجمعةِ راحُوا في هيئتهم، فقيل لهم: "لو اغتسلتُم" (2).
ومنهم أصحاب مهن مختلفة كالقصاب، والخياط، والنساج، والحداد، والصائغ، والنجار، والعطار وغيرها من المهن والحرف.
ونسب كثير من أهل العلم إلى حرفة ومهنة لا يتسع المجال لذكرهم.
مصادر و المراجع :
١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ
المؤلف: خالد بن
جمعة بن عثمان الخراز
الناشر: مكتبة
أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت
الطبعة: الأولى،
1430 هـ - 2009 م
24 أبريل 2024
تعليقات (0)