المنشورات
آداب الرئيس و المحافظة على المال والتنزه عن الحرام.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29].
وقال سبحانه: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188].
الواجب على المسؤول أن يتنزه عن الحرام، وأن لا يتخذ العمل مطية لنيل المصالح الخاصة بالتحايل أو النهب أو السلب، أو الغصب، أو الرشوة، ولا ينبغي له قبول هدايا العاملين معه، فإن ذلك غلول.
عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هدايا العُمالُ غلولٌ" (1).
قال الخطابي: "هدايا العمال سحت، وأنه ليس سبيلها سبيل سائر الهدايا المباحة، وإنما يهدى إليه للمحاباة، وليخفف عن المهدي، ويسوغ له بعض الواجب عليه، وهو خيانة منه، وبخس للحق الواجب عليه استيفاؤه لأهله" (2).
عن أَبي حُمَيدٍ الساعديِّ، قال: استعمَلَ رَسُولُ الله رَجُلًا من الأَسدِ، يُقَالُ لَهُ ابنُ اللُّتيبَّةِ (قال عَمرٌو وَابنُ أَبِي عُمَرَ: عَلَى الصدَقَةِ) فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُم، وَهَذَا لي، أُهدِيَ لي، قال: فَقَامَ رَسُولُ الله عَلَى المِنبَرِ، فَحَمِدَ الله وَأَثنَى عَلَيهِ، وقال: "مَا بَالُ عَامِلٍ أَبعَثُهُ فَيَقُولُ: هَذا لَكُم وَهَذا أُهْدِيَ لي أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيتِ أَبِيهِ أَو فِي بَيتِ أُمهِ حتى يَنظُرَ أَيُهدى إِلَيهِ أَم لَا. وَالذِي نَفسُ مُحَمدِ بِيَدهِ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم مِنهَا شَيئًا إلا جَاءَ بِهِ يومَ القِيامَةِ يَحمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَو بَقَرَةٌ لَهَا خُوَار، أَو شَاةٌ تيْعِرُ"، ثم رَفَعَ يَدَيهِ حتى رَأَينَا عُفرَتَي إِبطَيْهِ، ثم قال: "اللهُم هَل بَلَّغتُ؟ " مَرَّتَينِ. (1).
وقد بوب له البخاري بقوله: "هدايا العمال غُلول".
قال ابن حجر: "وفيه إبطال كل طريقٍ يتوصل بها من يأخذ المال إلى محاباةِ المأخوذ منه والانفراد بالمأخوذ".
عن بُرَيدَةَ - رضي الله عنه - قال: قال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن استعمَلنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقنَاهُ رِزقاً فما أخَذَ بَعدَ ذلِكَ فَهُوَ غلُولٌ". (2).
عن عَدِيِّ بن عَمِيرَةَ الكندي، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنِ استعمَلنَاهُ مِنكُم عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخيَطاً فَمَا فوقهُ، كَانَ غُلُولًا يَأتي بِهِ يَومَ القِيَامَةِ" قال: فَقَامَ إلَيهِ رَجُلٌ أَسوَدُ، مِنَ الأَنصَارِ، كَأنِّي أَنظُرُ إلَيهِ، فقال: يَا رَسُولَ الله اقبَل عَني عَمَلَكَ. قال: "وَمَا لَكَ؟ " قال: سَمِعتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا. قال: "وَأَنا أَقولُهُ الآنَ، مَنِ استعملنَاهُ مِنكُم عَلَى عَمَلٍ فَليَجِئ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فما أُوتيَ مِنهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنهُ انتَهَى" (3).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ جَسدٍ نَبَتَ من سُحتٍ، فالنارُ أولى بهِ" (4).
والسحت مصطلح شرعي يشمل كلَّ مال اكتسب بالحرام.
فالمنصب أمانة ومسئولية كبرى، لا يجوز -بأي حال من الأحوال- أن يتخذ المسؤول من منصبه وسيلة يجمع من خلاله الأموال، يتخوض فيها بغير حق.
وعن خَولةَ الأنصارية - رضي الله عنها - قالت: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن رجالاً يَتخوضونَ في مالِ اللهِ بغير حقّ، فلهُمُ النارُ يومَ القيامة" (1).
وعن خولة بنت قيس قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إِنَّ هَذا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، مَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَرُبَّ مُتخوّضِ فِيمَا شَاءَتْ بِهِ نَفْسُهُ من مَالِ الله ورَسُولِهِ لَيسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا النارُ" (2).
أو يؤثر أهله وأقرباءه بما لا يحق لهم من أموال المسلمين، ألا ترى بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع فاطمة من أن يعطيها خادمًا مع حاجتها لذلك، وتأمل ما يقوم به البعض من الاستيلاء على أملاك المسلمين، وإيثار أقرباءهم على من سواهم.
مصادر و المراجع :
١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ
المؤلف: خالد بن
جمعة بن عثمان الخراز
الناشر: مكتبة
أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت
الطبعة: الأولى،
1430 هـ - 2009 م
24 أبريل 2024
تعليقات (0)