هذا، وقد أنكر جان بودريار، مثل: الفيلسوف الألماني نيتشه، وجود الحقيقة مادامت ترتبط ارتباطا وثيقا باللغة والخطإ والظن والمبالغة المجازية والبلاغة التخييلية ووسائل الإعلام. ومن ثم، فقد قال بودريار بمفهوم (مافوق الحقيقة):" يتولد مفهوم مافوق الحقيقة، حيث يكون شيء ما حقيقيا فقط عندما يتحرك ضمن نطاق وسائل الإعلام. وتولد تكنولوجيات الاتصال في "مابعد الحداثة" الصور العائمة بشكل حر، حيث لايمكن لأحد أن يعيش أي تجربة إذا لم تكن بصيغة مشتقة. وقد أخذت تجربة العالم للعبث مكان أي ثقافة مميزة، وأصبح للعبث لهجة واحدة فقط: تلك التي تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أصبحت كتابات بودريار (على سبيل المثال: (إستراتيجيات فادحة) و (وهم النهاية)) عدمية بشكل متزايد: فقد أصبحت العلامات بلا معنى بسبب تكرارها واختلافها اللذين لاينتهيان ... وقد قادت آراؤه المتطرفة إلى العبارة الشهيرة- التي اجتذبت انتقادات قاسية- أن حرب الخليج عام 1991 م لم تكن حقيقية، بل كانت حدثا إعلاميا:" إنها غير حقيقية، إنها حرب دون أعراض الحرب". وهذا ماقاد العديد للشك في أن بودريار نفسه قد ابتعد إلى مافوق الحقيقة، ولم يعد يسكن جسدا دنيويا. " (1)
وعليه، فقد دفعه مفهوم مافوق الحقيقة إلى الاهتمام بالعوالم التخييلية والافتراضية. وفي هذا الصدد، يقول دافيد كارتر:"لايرى بورديار في حججه أي تفاصيل محددة عن السياقات الثقافية أو الاجتماعية. وليس في كتابة قصص الخيال العلمي والروايات الخيالية. وقد برهن بعضهم أيضا أن العديد من أفكاره قد استبقت في مثل هذه الأعمال. كتب بودريار نفسه مقالا يمدح كاتب الخيال العلمي ج. جي بالارد. وكما سبق الإشارة إليه وجدت رؤيته للعالم أصداء في السينما، وخصوصا في هذا النوع من الأفلام الذي يصبح فيه الواقع الافتراضي غير مميز عن العالم الحقيقي، وأيضا في مفهوم "السايبورغ"، وهو هجين من البشر والتكنولوجيا." (2)
مصادر و المراجع :
١- نظريات علم الاجتماع
المؤلف: د. جميل
حمداوي
الطبعة: الأولى
2015 م
حقوق الطبع
محفوظة للمؤلف
تعليقات (0)