كما يشدد المنظور الإسلامي على ضرورة التحرر من النزعات والأهواء الذاتية، والتخلص من التوجهات الإيديولوجية، والابتعاد عن التحيز، وضرورة التمييز بين الالتزام العلمي والالتزام الإيديولوجي، ومقاربة الوقائع المجتمعية في ضوء الالتزام الإسلامي، وتبني النظرية المعيارية الأخلاقية والقيمية في تقويم الظواهر الاجتماعية، والتخلص من النزاعات العنصرية والعرقية والشوفينية، وتحديد الثابت والمتغير في المعتقدات والأخلاق والتشريع والاجتماع، وضرورة تجاوز التفسير الأحادي، والتزام النظرة الشمولية في تحليل قضايا الإنسان والمجتمع فهما وتفسيرا وتأويلا.
ومن هنا، يتميز المنهج الإسلامي، عن المنهج الوضعي بالخصوص، بدراسة الوقائع المجتمعية المدركة بالملاحظة، ودراسة المواضيع الغيبية كذلك، اعتمادا على وسائل منهجية متنوعة هي: الوحي، والعقل والتجربة. كما يحتكم هذا المنهج إلى المعايير الأخلاقية، واستحضار العقيدة والتوحيد، ونبذ الإلحاد والمغالاة في النزعات المادية.
ولايتوقف المنهج الإسلامي عند وصف الظاهرة المجتمعية فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى التقويم والتوجيه والإصلاح في ضوء رؤية ربانية، وإعادة الاعتبار للمنهج الأصولي في المجال العقدي والتشريعي والاجتماعي. ومن هنا، فالمنهج الإسلامي" رؤية شاملة ونظرة متكاملة يعبر عن منظومة فكرية متميزة عن كل التصورات الوضعية بكل ماتطرحه من مفاهيم نسبية. ومن هذا المنطلق تحدد علاقة علم الاجتماع الإسلامي بعلم الاجتماع العام. فهذه العلاقة ليست كما تصورها بعض الباحثين علاقة تداخل، فعلم الاجتماع الإسلامي ليس مجرد فرع إلى جانب بقية الفروع، بل هو بناء مستقل يقوم في مقابل بقية المذاهب والنظريات، يتخذ من المذهبية الإسلامية إطارا تفسر في ضوئه كل الجزئيات، وتنتظم فيه كل الفروع." (1)
وعليه، فالنظرية الإسلامية في السوسيولوجيا بديل منهجي وفكري ورؤيوي مهم، يحتاج إلى تعميق النقاش الجاد حوله تصورا وطريقة ورؤية، بتنظيم ندوات في هذا المجال للبحث في الطرائق المنهجية التي يمكن استعمالها في البحث والدراسة والوصف والفهم والتفسير والتأويل والتقويم. وهنا، يمكن الاستفادة من المنهج الخلدوني في دراسة علم الاجتماع وتطويره. كما يمكن الاستفادة من الآليات المنهجية التي يستعين بها علم الاجتماع العام، بشرط ألا تتنافى مع التوجه الإسلامي.
مصادر و المراجع :
١- نظريات علم الاجتماع
المؤلف: د. جميل
حمداوي
الطبعة: الأولى
2015 م
حقوق الطبع
محفوظة للمؤلف
تعليقات (0)