المنشورات

إياك أعني واسمعي يا جارة!

هذا مثل مشهور الاستعمال عند التعريض بإضهارك شيئاً وأنت تريد شيئاً وهو لنهشل بن مالك الفزاري في شعر له. وسببه أنه خرج يريد النعمان بن المنذر فمر ببعض أحياء طيء فسأل من سيد الحي فدل على حارثة بن لأم الطائي فقصد رحله فلم يصبه حاضراً. فقالت له أخت حارثة: انزل على الرحب والسعة حتى يلحق حارثة. فأنزلته وأكرمت مثواه. ثم إنّه رأها وقد خرجت من خباء إلى خباء. فرأى جمالها باهرا، وحسنا فاتنا. وكانت عقيلة قومها وسيدة نساء حيها. فوقعت من قلبه كل موقع وجعل يقول:
يا أخت خير البدو والحضاره ... كيف ترين في فتى فزارة؟
أصبح بهوى حرة معطاره ... إياك أعني واسمعي يا جارة!
فعرفت أنه يريدها فقالت: ما هذا بقول ذي عقل أريب ولا مصيبي ولا أنف نجيب.
أقم ما أقمت مكرما وارتحل إذا ارتحلت مسلما! فاستحى وقال: واسوأتاه! فقالت: صدقت! وارتحل وأتى النعمان، فاكرمه وحياه فلما رجع نزل على أخيها حارثة وتبعت نفسه الجارية وكان جميلا محبوبا. فأرسلت إليه الجارية: إن كانت لك حاجة فاخطبني إلى أخي فإني سريعة إلى ذلك. فخطبها وتزوجها فسار بها إلى أهله.
ومما ينسج على هذا النمط ويسلك في هذا السفط قولهم: أخذ فلان رمح أبي سعد إذا اتكأ على العصا هرما. وأبو سعد قيل هو لقمان الحكيم وقيل هو كنية الكبر والهرم. وقيل مرثد بن سعيد أحد وفد عاد، وقد تقدم. وقولهم: أخذ بلغب رقبته بفتحتين إذا أدركه. وقولهم: أخذ بحذافيره أي بأجمعه. ويقال بحذاميره، وبأجمعه وجراميزه وجذاميره وبربانه، بفتح الراء وضمها، وبصنابته وسنابته وبجلمته وجلمته وبزغبره ز بزوبره وأنشدوا:
وإن قال غاو من تنوخ قصيدة ... بها حرب عدت عليَّ بزوبرا
وبزابره وبصبرته وأصباره وبوأبجه وزأمجه وبأصيلته وبطليقته، وبأزمله. فهذه كلها معناها واحد. ويقال معنى: بربانه وبحداثته: بأوله وابتدائه. وقال:
وإنما العيش بربانه ... وأنت من أفنانه مفتقر
وقولهم: إذا وجدت الظباء الماء فلا عباب، وإن لم تجده فلا أباب، أي إن وجدته لم تعب فيه وإن لم تجده لم تؤب إليه أي لم تتهيأ لطلبه.
وقولهم: إذا بلغ الرجل الستين، فإياه وأيا الشواب! وقولهم: أكل فلان روقه إذا أسن. والمعنى أنه أكل شبابه وأفناه. يقال: فعله في روق شبابه وريقه، أي أوله. وكأنه ماخوذ من روق البيت ورواقه وهي الشقة في المقدمة. وقولهم: أنك بمحش صدق فلا تبرحه! أي أنك بموضع الخير فالتزمه! والمحش، بالحاء المهملة والشين المعجمة على مثال مرد: الموضع الكثير الحشيش وقولهم:
إنه أحد الأحدين، وواحد الأحدين، وإحدى الأحد، أي لا مثل له، وهو ابلغ المدح. قولهم:











مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید