المنشورات

حبك الشيء يعمي ويصم.

الحب مر؛ والعمى معروف وأعميته: فعلت به ذلك. وكذا الصمم وأصممته.
وهذا أيضاً يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. والعمى هنا يحتمل أن يكون عمى البصر وهو ظاهر أو عمى البصيرة وهو أدق وأليق.
والمعنى أنَّ المرء إذا أحب شيئا غلبت محبته على قلبه فلا يرى رشده ولا ينظر عاقبته ولا يسمع عاذله. والصمم هنا مجاز أيضاً عن عدم الإصغاء إلى المسموع وعدم الاهتبال به والانتفاع به. فكأنه أصم لا يسمع كما قال تعالى:) صمٌ بكمٌ عميٌ (. وقال الشاغر:
صمٌ إذا سمعوا خيراً ذكرت به ... وإن ذكرت بشرٍّ عنهم أذنوا
وقال الأخر:
فأصممت عمراً وأعميته ... عن الجود والفخر يوم الفخار
وفي معنى المثل قال الإمام البوصيري رحمه الله تعالى:
محضتني النصح لكن لست أسمعه ... إنَّ المحب عن العذال في صممِ
وهذا المثل يضرب في الحذر من اتباع الهوى وما يؤمر به من اجتنابه.
وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم! وقال الشاعر:
إذا طالبتك النفس يوماً بشهوةٍ ... وكان عليها للخلاف طريقُ
فخالف هواها ما استطعت فإنما ... هواها عدوٌ والخلاف صديقُ
وقال الأخر:
وفي الحلم والإسلام للمرء وازعٌ ... وفي ترك طاعات الفؤاد المتيمِ
بصائر رشدٍ للفتى مستبينةٌ ... وأخلاق صدق علمها في التعلمِ
وفي هذا المعنى ما لا يحصى من الشعر والنثر يأتي في الحكم إن شاء الله تعالى












مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید