المنشورات

أحمق من دغة.

الحمق مر ودغة بدال مهملة وغين معجمة مخففة على مثال ثبة وكرة والأصل دغي أو دغو. وهي امرأة من بني عجل وهي مارية بنت مغنج ومغنج هو ربيعة بن عجل. ودغة حمقاء مشتهرة بذلك ولذلك ضرب بها المثل.
وكان من حمقها إنّها تزوجت في بني العنبر بن عمرو بن تميم. فلما أخذها الطلق ظنت إنّها تريد الخلاء فانطلقت إلى بعض الغيطان تتبرز فولدت واستهل الولد ورجعت إلى بيتها تقدر إنّها أحدثت. فقالت لضرتها: يا هنتاه هل يفتح الجعرافة؟ قالت: نعم ويدعو أباه فمضت ضرتها وأخذت الولد. فبنو العبير يدعون بذلك بني الجعراء وصار ذلك لقبا لهم.
ونظرت يوما إلى زوجها يقبل بنته ويقول: بأبي درادرك والدرادرك مغارز الأسنان. فذهبت هي ودقت أسنانها بفهر حتى بدت درادراها فجاءت زوجها وقالت له: كيف ترى درادري؟ فقال لها: أعييتني بأشر فكيف بدردر؟ وهو مثل سيأتي. وقال أبو نواس:
وما لبكر بن وائل عصم ... إلاّ بحمقائها وكاذبها
وقد خطأ أبو العباس المبرد أبا نواس في هذا وقال إنّه أراد بالحمقاء هبنقة القيسي ولا يقال للرجل حمقاء. ورد عليه بانه أراد دغة العجلية وعجل في بكر بن وائل.
قال شمس الدين بن خلكان رحمه الله تعالى: وقد رأيت المبرد في المنام وأنا بالاسكندرية وفي سنة ست وثلاثين وستمائة وعندي الله تعالى ذاك الكامل للمبرد وكتاب العقد الفريد لابن عبد ربة. فرأيت في العقد في ترجمة ما غلط فيه على الشعراء وذكر أبياتا نسبوا أصحابها إلى الغلط ولم يغلطوا وإنّما وقع الغلط ممن غلطهم منها ما ذكر المبرد في الروضة من تغليط أبي نواس في البيت السابق والغلط إنّما هو من المبرد كما قررنا. قال: فلما كان بعد ليال قلائل من وقوفي على هذه الفائدة رأيت كأني بمدينة حلب في مدرسة القاضي بهاء الدين وكأننا صلينا الظهر جماعة. فلما فرغنا أردت الخروج فرأيت في أخريات الموضع رجلا واقفا يصلي فقال لي بعض الحاضرين: هذا أبو العباس المبرد. فجئت إليه وقعدت إلى جانبه انتظر فراغه. فلما فرغ سلمت عليه فقلت له: أنا في هذا الزمان أطالع كتابك الكامل. فقال لي: رأيت كتابي الروضة؟ فقلت: لا. وما كنت رأيتها قبل ذلك. فقال لي: قم حتى أريك إياه فقمت وصعد بي إلى بيته. فدخلنا ورأيت فيه كتب كثيرة. فقعد يفتش عليه وقعدت أنا ناحية. فأخرج مجلدا ودفعه لي ففتحته وتركته في حجري فقلت له: قد أخذوا عليك. فقال: أي شيء أخذوا؟ فقلت له: انك نسبت أبا نواس إلى الغلط في بيت كذا وأنشدته إياه. فقال: نعم غلط في هذا. فقلت؟ إنّه لم يغلط بل هو على صواب ونسبوك أنت إلى الغلط في تغليطه. فقال: وكيف هذا؟ فعرفته ما قاله صاحب العقد. فعض على رأس سبابته وبقي ساعة ينظر إلي وهو في صورة خجلان حتى استيقظت من منامي وهو على تلك الحال. انتهى ملخصا.










مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید