المنشورات

حنت ولا تهنت.

هذا المثل لمازن بم مالك بن عمرو بن تميم وذلك أنَّ الهيجمانة بنت العنبر بن عمرو بن تميم بن مر كان عبد شمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم كان يزورها. فنهاه قومها عن ذلك فأبى حتى وقعت الحرب بين قومه وقومها. فأغار عليهم عبد شمس في جيشه فعلمت به الهيلمانة فأخبرت أباها. وكانوا يعرفون إعجاب الهيلمانة به كإعجابه بها. فلما قالت هذه المقالة لأبيها قال مازن بن مالك: حنت ولا تهنت! وأنى لها مقروع؟ ومقروع عبد شمس كان يلقب به، لأن القريع والمقروع في كلام العرب هو المختار فقال لها أبوها عند ذلك: أي بنية اصدقيني! كذلك هو؟ فانه لا رأي لمكذوب. فقالت: ثكلتك إن أكن صدقتك فانج لا أخالك ناجيا! فذهبت كلمة مازن وكلمته وكلومتها أمثالا. فقال مازن: حنت ولا تهنت أراد أنها إنما كان غرضها أن تذكر عبد شمس ليجري اسمه على لسانها حبينا إليه وشوقا لا شفقة على قومها ولا نصحا لأبيها ولا تحذيرا. وقوله: ولا تهنت دعاء عليها أي: لا هناها الله بذلك! وأراد: لا تهنأت بالهمز من الهناء ثم خفف الهمزة وقلبها ألفاً ثم حذف الألف لملاقاة التاء الساكنة كما في نظائره.
قيل: ويحتمل أن يريد: ولات هنا أي ليس هذا الوقت أو: أنَّ ذلك ولا حينه كما قال الأعشى:
لات هنا ذكرى جبيرة أم من ... جاء منها بطائف الأهوال!
أي ليس هذا حين ذكرها يأسا منها. وكما قال الراعي:
أفي أثر الأظعان عينك تطمح؟ ... نعم! لات هنا إنَّ قلبك متيح!
وكما قال جحل بن نضلة الباهلي:
حنت نوار ولات هنا حنت ... وبدا الذي كانت نوار أحنت
لمّا رأت ماء السلى شربا لها ... والفرث يعصر في الإناء أرنت
وفي إعرابه كلام مبين في علم النحو. والتاء في لات لتأنيث الكلمة كما قيل في رب وثم ربت وثمت. وقيل إنها بدل من الألف لأن التاء تبدل من الألف عند الوقف وعند السجع كما قيل:
من بعدما وبعدما وبعدمت ... صارت نفوس القوم عند الغلصمت












مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید