المنشورات

رُبَّ أخٍ لم تلدهُ أمك!

رب حرفٌ جار يدل على الكثرة والقلة معا أو على إحداهما فقط أو أكثر أو لا يدل على شيء منهما إلاّ بالقرائن خلاف شهير في النحو لا نطيل بذكره ولا بشواهده، والأخ معروف وفيه لغات معروفة.
وأصل المثل أنَّ لقمان بن عاد رأى مع امرأة رجلا يلاعبها وتلاعبهٍ خاليين ومعهما صبي صغير يبكي وهما مقبلان على شأنهما لا يكترثان به. فقال لها: من الرجل؟ قالت: أخي فقال حينئذ: رُبَّ أخٍ لم تلده أمك! تكذيبا لها في دعواها. يقال: إنه أخوك في الصداقة والمودة لا بالقرابة والنسب.
وقريب من هذه الحكاية ما حكي عن بعضهم أنه دخل عليه رجل نصراني ومعه فتى وسيم من أهل ملته فقال له: من هذا الفتى؟ فقال: بعض إخواني. فأنشد حينئذ:
دعتني أخاها أم عمرو ولم أكن ... أخاها ولم أرضع لها بلبانِ
دعتني أخاها بعد ما كان بيننا ... من الأمر ما لا يصنع الأخوانِ
وقال أيضاً في معنى هذا المثل: رُبَّ بعيدٍ أقرب من قريبِ. وقالوا: القريب من قرب نفعه. وقالوا: القريب من تقرب لا من تنسب. وقال حبيب:
ولقد سبرت الناس ثم خبرتهم ... وبلوت ما وصفوا من الأسبابِ
فإذا القرابة لا تقرب قاطعاً ... وإذا المودة أقرب الأنسابِ
وقال أبن هرمة في نحو هذا:
هش إذا نزل الوفود ببابه ... سهل الحجاب مؤدب الخدامِ
فإذا رأيت شقيقه وصديقه ... لم تدر أيهما أخو الأرحامِ
غيره:
ذو الود مني وذو القربى بمنزلةٍ ... وإخواني أسوة عندي لخلاني
أحبة جاورت آدابهم أدبي ... فهم وإن فرقوا في الأرض جيراني
أرواحنا في مكان واحدٍ وغدت ... أجسامنا بعراقٍ أو خراسانِ
وقال حبيب أيضاً:
أو نفترق نسباً يؤلف بيننا ... أدبٌ أقمناه مقام الوالدِ
وتقدم هذا وما يشبه وسيأتي أيضاً منه إن شاء الله تعالى












مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید