المنشورات

أزهى من طاووس.

الزهو: الإعجاب والتكبر. يقال: زهي بالبناء للمفعول يزهى فهو مزهو. ويقال أيضاً: زهى بالفتح يزهو زهوا. وهي لغة حكمها أبن دريد. والطاووس: الطائر المعروف وتقدم في الحاء. وإنّما وصف بالزهو لمّا مر من أنَّ طبعه حب الزهو لنفسه والخيلاء والإعجاب بريشه: ثم إنهم بنوا اسم التفضيل هنا من فعل المفعول وعلى الشذوذ كما قالوا: أشغل من ذات النحويين وأجن من دغة وأولع من قرد. وتعجبوا منه أيضاً فقالوا: ما أزهاه! وما أشغله! وما أجنه! وهو مسموع في هذه الألفاظ ونحوها. ولا يقال في المضروب والمجروح ونحوهما: أضرب من كذا ولا أجرح ولا: ما اضربه! وأجرحه! ومن الشاذ قول سبويه رحمه الله تعالى: واعلم أنَّ العرب يقدمون ما هم به أهم وهم ببيانه أعنى وهو من عناهم وعنوا به فهم معنيين به.
قال الإمام السهيلي رحمه الله تعالى: وسبب جوازه يعني في الأفعال المذكورة دون غيرها أنَّ المفعول فيها فاعل في المعنى: فالمزهو متكبر في المعنى. وكذلك المنحو والمشغول مشتغل وفاعل لشغله والمعني بالأمر كذلك والمجنون كالأحمق فيقال: ما أجنه! كما يقال ما أحمقه! وليس كذلك وضروب ولا مركوب ولا مشتوم ولا ممدوح فلا يقال في شيء منه: ما أفعله ولا: هو أفعل من كذا.
قال: فإنَّ قلت: فعلى هذا القياس كان ينبغي أيضاً أن يؤمر فيه بغير اللام كمأمور الفاعل إذ قلتم إنه فاعل في المعنى يعني وليس الأمر كذلك لأنك إنما تقول في أمر المخاطب من عني وزهي وشغل: لتعن ولتزه ولتشغل! كما يؤمر الغائب في سائر الأفعال.
قال: فالجواب أنَّ الأمر إنّما هو بلفظ المستقبل وهو: تضرب وتخرج. فإذا أمرت حذفت حرف المضارعة وبقيت حروف الفعل على بنيتها. وليس كذلك زهيت فأنت تزهى ولا شغلت فأنت تشغل. لأنك لو حذفت منه حرف المضارع لبقي لفظ الفعل على بنية لست للغائب ولا للمخاطب لأنَّ بنية الأمر للمخاطب: أفعل وبنيته للغائب:
فليفعل. والبنية التي قدرناها لا تصلح لواحد منها لأنك كنت تقول: أزه من زهت ومنت تقول من شغلت: أشغلت فتخرج من باب شغلت فأنت مشغول إلى باب شغلت غيرك فلم يستقم فيه الأمر بالام. انتهى. وهو حسن وهذا في زهي إنّما هو على أنَّ التفضيل جاء فيه على اللغة المشهورة. وإنّما على أنه على اللغة الثانية التي ذكرها أبن دريد فلا شذوذ فيه.
قال الجوهي بعد ذكره هذه اللغة: ومنه قولهم ما أزهاه وليس هذا من زهي لأنَّ اسم المفعول لا يتعجب منه. انتهى.










مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید