المنشورات

سمن كلبك يأكلك!

التسمين معروف تقدم؛ والكلب مر أيضاً.
وهذا مثل قديم مشهور. وقد تمثل به غب بن أبي ركن المنافقين في غزوة بني المصطلق حيث اختصم المهاجرين والأنصار فقال أبن أبي: ما نحن وهؤلاء يعني المهاجرين إلاّ كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك! وفيها قال: لا تنفقوا على أصحاب محمد! وقال: لئن رجعنا إلى المدينة لتخرجن الأعز منها الأذل كما ذكر الله جل اسمه في سورة المنافقين.
ولفظ المثل إما أن يكون على معنى الإخبار كأنه قيل: إن سمنت كلبك أكلك كما في الآخر: اسق أخاك النمري يصطبح! أي إن سقيته اصطبح وقد تقدم وأما أن يكون إنشاء على ظاهره كأنه قيل: سمن كلبك ليأكلك! كما يقال: اضرب عبدك يستقم! أي ليستقيم على معنى قولهم: لدوا للموت وابنوا للخراب! وهو أيضاً راجع إلى الخبر بهذا الاعتبار وفي معنى المثل قول الشاعر:
أعلمه الرماية كل حينٍ ... فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافيةً هجاني!
ثم رأيت في عماد البلاغة أنَّ الكلب المضروب به المثل لرجل من طسم وذلك إنّه ارتبط كلبا وجعل يشبعه اللبن رجاء أن يصطاد به ثم أبطأ عليه طعامه فوثب على مولاه فافترسه فصار مثلا في كفران النعمة ومجازاة المحين بالإساءة وفيه قيل: سمن كلبك يأكلك! وقال مالك بن أسماء:
هم سمنوا كلباً ليأكل بعضهم ... ولو ظفروا بالحزم لم يسمن الكلبُ!












مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید