المنشورات

أشكر من كلبٍ.

الشكر مر، والكلب معروف، وشكره رضاه بالموجود وحياطته لصاحبه وقيامة عليه واتباعه له مع ذلك. ومما يحكى في هذا عن بعضهم قال: دخلت على العتابي، فوجدته جالسا على حصير وبين يديه شراب في إناء، وكلب رابض حوله يشرب كأسا ويولغه أخرى. فقلت له: ما أردت بهذا؟ قال: إنّه يكف عني أذاه ويكفيني أذى من سواه، ويشكر قليلي، ويحفظ مبيني ومقيلي، فهو من الحيوان خليلي.
قال الراوي: فتمنين والله أنَّ أكون كلابا لأحوز هذا النعت منه! ويقال إنَّ الحارث بن صعصعة كان له ندماء لا يفارقهم، وكان شديد المحبة لهم فخرج في بعض متنزهاته ومعه ندماؤه. فتخلف منهم واحد، فدخل على زوجته فأكلا وشربا ثم اضطجعا. فوثب الكلب عليهما فقتلهما. فلما رجع الحارث إلى منزله وجدهما ميتين وعرف الأمر. فأنشأ يقول:
فيا عجبا للخل يهتك حرمتي ... ويا عجبا للكلب كيف يصون
ما زال يرعى ذمتي ويحوطني ... ويحفظ عرسي والخليل يخون!
ويوثر في الحديث إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا مقتولا فقال: ما شأنه؟ قالوا: إنّه وثب على غنم بني زهرة فأخذ منها شاة، فوثب عليه كلب الماشية فقتله. فقال صلى الله عليه وسلم؛ قتل نفسه وأضاع دينه وعصى ربه وخان أخاه وكان الكلب خير منه.
ويحكى عن أبن عباس رضي الله عنه: كلب أمين خير من صاحب خؤونٍ وقد ألف بعض العلماء تأليفا في فضل الكلاب على كثير من لبس الثياب.













مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید