المنشورات

شنشنه أعرفها من أخزم

الشنشنة بالكسر: الطبيعة والخلق: وأخزم بالزاي رجل من طيء، وهو أبن أبي أخزم جد حاتم، أو جد جده. مات أخزم هذا وترك بنين، فوثبوا يوما على جدهم فأدموه فقال:
إنَّ نبي زملوني بالدم ... من يلق أساد الرجال يكلم
ومن يكن ذا أود يقوم ... شنشنة أعرفها من أخزم
لأنه كان عاقا كذلك.
ويحكى إنَّ عقيل بن علفة بضم العين المهملة وفتح اللام المشددة بعدها فاء على وزن قبرة بن الحارث المري، خرج هو وأبناه، جثامة وعملس، وأختهما الحوراء حتى أتوه ابنة أخ ناكحا في بني مروان بالشام. ثم قفلوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال عقيل:
قضت وطرا من دير سعد وكالما ... على عرض نطحنه بالجماجم
ثم قال: أجز، يا جثامة! فقال:
وأصبحن بالهومات يحملن فتية ... نشاوي من الإدلاج هيل العمائم
ثم قال: أجز يا علمس! فقال:
إذا علم غادرنه بنتوفة ... تذارعن بالأيدي لآخر طاسم
ثم قال: يا حوراء، أجيزي! فقالت:
كأنَّ الكرى ساقهم صرخ يده ... تدب دبيبا في المطا والقوائم
فقال عقيل: شربتها، وربَّ الكعبة! ثم شد عليها بالسيف، فقال أخوها: ما ذنبنا؟ إنّما اجازت شعرا! فشد عليه أحدهم فخدشه بسهم يتمعك في دمه ويقول:
إنَّ بني ضرجوني بالدم ... من يلق أبطال الرجال يكلم
شنشنة أعرفها من أخزم
ثم توجه ولده للطريق. فلما مروا ببني القين قالوا لهم: هل لكم في الجزور انكسرت! قالوا: نعم! قالوا: الزموا هذه ارواحل! فذهب القوم حتى انتهوا إلى عقيل، فحملوه وعالجوه حتى برئ ولحق بهم. فقال أبو عبيد القاسم بن سلام: من أمثالهم في التشبيه الرجل بأبيه: شنشنة اعرفها من أخزم. قال: وهذا المثل يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قاله في أبن عباس، رضي الله عنهما، شبهه في رأيه بابيه. قال البكري: أخزم هذا هو جد حاتم بن عبد الله الطائي، وهو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن أبي أخزم بن أبي أخزم. وقيل هو جد عقيل بن علفة. الشنشنة: النطفة، من شنشنت إذا أرقت. ويراد ما أراق من النطفة في الرحم.
قال أبو بكر: وقال قوم: شنشنة: الغريزة والطبيعة. فمن جعل أصل المثل لأخزم الطائي قال: كان أخزم جوادا. فلما نشأ حاتم وعرف جوده قال: الناس: شنشنة من أخزم، أي قطرة من نطفة أخزم. قال: وذكر علي بن الحسن إنَّ عقيل بن علفة أبن الحارث المري أتى منزله فإذا بنوه مع بناته وأزواجه مجتمعون. فشد على عملس منهم، فحاد عنه وتغنى ابنه علفة:
قفي يا ابنه المري أسألك ما الذي ... تريدين فيما كنت منيتا قبل
فإنَّ شئت كان الصرم ما هبت الصبا ... وإنَّ شئت لا يفنى التكارم والبذل!
فقال عقيل: يا أبن اللخناء متى منتك نفسك هذا؟ وشد عليه بالسيف. فحال علمس بينه وبينه، وكان أخاه لأمه وأبيه. فشد على علمس بالسيف وترك علفة ولم يلتفت إليه فرماه علمس بسهم وأصاب ركبته. فسقط عقيل يتمكع بالدم وهو يقول:
إنَّ بني سربلوني بالدم ... من يلق أبطال الرجال يكلم
ومن يكن ذا أود يقوم ... شنشنة أعرفها من أخزم
قال المدائني: شنشنة أعفها من أخزم مثل ضربه، وأخزم فحل كان لرجل من العرب وكان منجبا، فضرب في ابل رجل آخر ولم يعلم صاحبه فرأى بعد ذلك من نسله جملا فقال شنشنة أعرفها من أخزم. انتهى كلام البكري.
وقال أبن ظفر في شرح المقامات: هذا المثل ضربه جد حاتم حين نشأ حاتم وتقيل أخلاقه جده أخزم في الجود، فقال: شنشنة. . الخ. وتمثل عقيل بن علفة به حين قال: إنَّ بني. . الخ. ومن أدعى إنَّ المثل فقد سها فيه. انتهى.













مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید