المنشورات

ظن وأخواتها

"ظن وأخواتها" وليس يه حروف؛ فكله أفعال، أو أسماء تعمل عملها. وتنحصر هذه الأسماء في مصادر تلك الأفعال، وفي بعض المشتقات العاملة عملها. فالفعل الماضي المتصرف1 هنا، لا ينفرد وحده بالعمل السالف؛ وإنما يشابهه فيه ما قد يكون له من مضارع، وأمر، ومصدر، واسم فاعل، واسم مفعول، دون بقية المشتقات2 الأخرى. أما غير المتصرف فعمله مقصور على صبغته الخاصة به، إذا ليس لها فروع، ولا صيغ أخرى تتصل بها. وقد ارتضى بعض النحاة تقسيم الأفعال العاملة هنا قسمين؛ مراعيًا الأغلب في استعمالها3؛ هما: "أفعال قلوب"4 و "أفعال تحويل"5. ولا بد لكل فعل من القسمين من فاعل1، ولا يغني عنه وجود المفعولين أو أحدهما: أ- فأما أفعال القلوب2 فمنها ما قد يكون معناه العلم. "أي: الدلالة على اليقين3 والقطع"، ومنها ما قد يكون معناه الرجحان4 والنوعان صالحان للدخول - مباشرة - على المبتدأ الصريح، وعلى المصدر المؤول من "أن مع معموليها"، أو: "أن والفعل مع مرفوعة"5. ويشتهر من الأفعال الأول6 سبعة: 1- علم7؛ مثل: علمت البر سبيل المحبة، وعملت المحبة سبيل القوة. 2- رأى8؛ مثل: رأيت الأمل داعي العمل، ورأيت اليأس رائد الإخفاق، وقول الشاعر رأيت لسان المرء وافد1 عقله … وعنوانه؛ فأنظر بماذا تعنون؟ 2 3- وجد؛ مثل: وجدت ضعاف الأمم تهبًا لأقوياتها، ووجدت العلم أعظم أسباب القوة3. 4- دري؛ مثل: دريت المجد قريبًا من الدائب في طلبه، ودريت لذة إدراكه ماحية تعب السعي إليه. 5- ألفي4، مثل: ألفيت الشدائد صاقلة للنفوس، وألفيت إحتمالتها سهلًا على كبار العزائم. 6- جعل؛ مثل: جعلت5 الإله واحدَا، لا شك فيه. 7- تعلم6، مثل: "اعلم": مثل: تعلم وطنك شركة بين أبنائه، وتعلم نجاح الشركة رهنًا بالإخلاص والعمل ويشتهر من الأفعال الثانية1 ثمانية، هي: 1- ظن؛ مثل: ظن الطيار النهر قناة، وطن البيوت الكبيرة أكواخًا. 2- خال2، مثل: خال المسافر الطيارة أنفع له، وهو يحال الركوب فيها متعة. 3- حسب؛ مثل: أحسب السهر الطويل إرهاقًا، وأحسب الإرهاق سبيل المرض، وقول الشاعر: لا تحسبن الموت موت المبلي … وإنما الموت سؤال الرجال3 4- زعم4؛ مثل: زعمت الملاينة مرغوبة في مواطن، وزعمت التشدد مرغوبًا في أخرى (5) عَدَّ؛ مثل: عدَّدت الصديق أخاً. وقول الشاعر: فلا تَعْدُد المولَى (1) شريكَك في الغنى … ولكنما المولَى شريكُكَ في العُدمِ (2) (6) حَجَا (3) ؛ مثل: حَجَا السائحُ المِئذنة بُرْجَ مراقبة. وقول الشاعر: قد كنت أحْجُو أبا عمْروٍ أخاً ثقةً … حتى ألَمَّتْ بنا يوماًَ مُلِمَّاتُ (7) جَعَلَ؛ مثل: جعل الصياد السمكةَ الكبيرةَ حوتاً. وقوله تعالى في المشركين: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} … (4) [الزخرف: 19] (8) هَبْ؛ ": هبْ مالَك سلاحاً في يدك؛ فلا تعتمد عليه وحده (5) … وهذا الفعل دون بقية أفعال الرجحان السّالفة -جامد، ملازم صيغة الأمر (6) *** (ب) وأما أفعال التحويل (أو: التَّصيير) فأشهرها سبعة، ولا تدخل على مصدر مؤول من "أنَّ" مع معموليها، أو: من "أنْ" الفعل مع مرفوعه (7) - وهي: (1) صَيَّر؛ مثل: صَيَّر (8) الصائغُ الذهب سبيكةً، وصَيَّر السبيكةَ سوَاراً (2) جَعَلَ؛ مثل: جعل الغازلُ القطنَ خيوطاً، وجعل الحائك الخيوط نسيجاً (1) … وقول الشاعر: اجعلْ شعارك رحمةً ومودةً … إن القلوب مع المودة تُكْسَبُ (3) اتَّخذَ؛ مثل: اتخذ المهندسون الحديدَ والخشبَ باخرةً، واتخذ المسافرون الباخرةَ فُنْدُقاً. (4) تَخٍِذَ؛ مثل: تَخِذَت الحرارةُ الثلجَ ماءً، وتَخِذَت الماءَ بخاراً. (5) تَرَك؛ مثل: ترك الموجُ الصخورَ حصىً، وتركت الشمس الحصَى رمالا. (6) رَدَّ؛ مثل: ردّ الأمل الوجوهَ الشاحبةَ مُشْرقةً، وردّ النفوس اليائسة مستبشرةً. (7) وَهَبَ؛ مثل: وهَبَت الحَبَّ دقيقاً، ووهبت الدقيقَ عجيناً (2) . *** وفيما يلي بيان موجزَ للأفعال السابقة (3) ، وأنواعها المختلفة ظن وأخواتها أ- أفعال قلْبية - أفعال يقين، وأشهرها سبعة: (1) علِمَ 1 (2) رأى (3) وجَد (4) دَرَى (5) ألفَى (6) جَعَل (7) تعلَّم، بمعنى: اعلم - أفعال رجحان، وأشهرها ثمانية: (1) ظنّ (2) خال (3) حسِبَ (4) زعم (5) عَدَّ (6) حَجَا (7) جعل (8) هبْ ب- أفعال تحويل أشهرها سبعة: (1) صَيَّر (2) جَعَل (3) اتخذَ (4) تَخِذَ (5) تركَ (6) ردّ (7) وهبَ 













مصادر و المراجع:

1-المفتاح في الصرف المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (ت ٤٧١هـ)

2- أبنية الأسماء والأفعال والمصادر المؤلف: ابن القَطَّاع الصقلي (المتوفى ٥١٥ هـ)

3-المقدمة الجزولية في النحو المؤلف: عيسى بن عبد العزيز بن يَلَلْبَخْت الجزولي البربري المراكشي، أبو موسى (ت ٦٠٧هـ)

4- الخلاصة في النحو، ألفية ابن مالك المؤلف: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الأندلسي (ت ٦٧٢ هـ)

5-ارتشاف الضرب من لسان العرب المؤلف: أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت ٧٤٥ هـ)

6- النحو الوافي المؤلف: عباس حسن (ت ١٣٩٨هـ)

7-الجمل في النحو المؤلف: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت ١٧٠هـ)

8-الكتاب المؤلف: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه (ت ١٨٠هـ) 9- المقتضب المؤلف: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالى الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمبرد (ت ٢٨٥هـ)

10-الأصول في النحو المؤلف: أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي المعروف بابن السراج (ت ٣١٦هـ)

11-شرح كتاب سيبويه المؤلف: أبو سعيد السيرافي الحسن بن عبد الله بن المرزبان (ت ٣٦٨ هـ) 12-الإيضاح العضدي المؤلف: أبو علي الفارسيّ (٢٨٨ - ٣٧٧ هـ)

13-علل النحو المؤلف: محمد بن عبد الله بن العباس، أبو الحسن، ابن الوراق (ت ٣٨١هـ)

14-شرح أبيات سيبويه المؤلف: يوسف بن أبي سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان أبو محمد السيرافي (ت ٣٨٥هـ)

15-اللمع في العربية المؤلف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت ٣٩٢هـ)

16-الخصائص المؤلف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت ٣٩٢هـ)

17-المفصل في صنعة الإعراب المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت ٥٣٨هـ)

18- المرتجل (في شرح الجمل) المؤلف: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد ابن الخشاب (٤٩٢ - ٥٦٧ هـ)

19- نتائج الفكر في النَّحو للسُّهَيلي المؤلف: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (ت ٥٨١هـ)

20-البديع في علم العربية المؤلف: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد

21- المقدمة الجزولية في النحو المؤلف: عيسى بن عبد العزيز بن يَلَلْبَخْت الجزولي البربري المراكشي، أبو موسى (ت ٦٠٧هـ)

22- شرح المفصل للزمخشري المؤلف: يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد بن علي، أبو البقاء، موفق الدين الأسدي الموصلي، المعروف بابن يعيش وبابن الصانع (ت ٦٤٣هـ)

23-الكناش في فني النحو والصرف المؤلف: أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، الملك المؤيد، صاحب حماة (ت ٧٣٢ هـ)

24-شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك المؤلف: بدر الدين محمد ابن الإمام جمال الدين محمد بن مالك (ت ٦٨٦ هـ)

25-الشافية في علم التصريف (ومعها الوافية نظم الشافية للنيساري - المتوفى في القرن ١٢)

 

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید