المنشورات

الوفاء والغدر

بين مروان وعبد الحميد الكاتب
: قال مروان بن محمد لعبد الحميد الكاتب حين أيقن بزوال ملكه: قد احتجت إلى أن تصير مع عدّوي وتظهر الغدر بي؛ فإن إعجابهم بأدبك وحاجتهم إلى كتابتك تدعوهم إلى حسن الظنّ بك، فإن استطعت أن تنفعني في حياتي، وإلا لم تعجز عن حفظ حرمتي بعد مماتي. فقال عبد الحميد: إن الذي أمرت به أنفع الأشياء لك وأقبحها بي، وما عندي غير الصبر معك حتى يفتح الله عليك أو أقتل معك. وأنشأ يقول:
أسرّ وفاء ثم أظهر غدرة ... فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره
عبد الملك بعد قتله ابن سعيد
: أبو الحسن المدائني قال: لما قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد بعد ما صالحه وكتب له أمانا وأشهد شهودا. قال عبد الملك بن مروان لرجل كان يستشيره ويصدر عن رأيه إذا ضاق به الأمر: ما رأيك في الذي كان مني؟ قال: أمر قد فات دركه «2» ! قال: لتقولنّ! قال حزم لو قتلته وحييت. قال: أو لست بحيّ؟ فقال: ليس بحيّ من أوقف نفسه موقفا لا يوثق له بعهد ولا بعقد. قال عبد الملك: كلام لو سبق سماعه فعلي لأمسكت.
أبو جعفر وابن هبيرة
: المدائني قال: لما كتب أبو جعفر أمان ابن هبيرة واختلف فيه الشهود أربعين يوما «1» ركب في رجال معه حتى دخل على المنصور، فقال: إن دولتكم هذه جديدة، فأذيقوا الناس حلاوتها وجنّبوهم مرارتها، لتسرع محبتكم إلى قلوبهم ويعذب ذكركم على ألسنتهم، وما زلت منتظرا لهذه الدعوة. فأمر أبو جعفر برفع الستر بينه وبينه، فنظر إلى وجهه وباسطه بالقول حتى اطمأنّ قلبه. فلما خرج قال أبو جعفر لأصحابه:
عجبا من كل من يأمرني بقتل مثل هذا! ثم قتله بعد ذلك غدرا.
أبو جعفر وسلم في قتل أبي مسلم
: وقال أبو جعفر لسلم بن قتيبة: ما ترى في قتل أبي مسلم؟ قال: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، قال: حسبك الله أبا أمية.
قال أبو عمرو بن العلاء: كانت بنو سعد بن تميم أغدر العرب، وكانوا يسمون الغدر في الجاهلية كيسان، فقال فيهم الشاعر:
إذا كنت في سعد وخالك منهم ... غريبا، فلا يغررك خالك من سعد
إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم ... إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید