المنشورات

كتاب عمر بن الخطاب إلى معاوية في القضاء

: وكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية في القضاء كتابا يقول فيه: إذا تقدّم إليك الخصمان فعليك بالبيّنة العادلة أو اليمين القاطعة، وإدناء الضعيف حتى يشتدّ قلبه وينبسط لسانه؛ وتعاهد الغريب! فإنك إن لم تتعاهده سقط حقّه ورجع إلى أهله؛ وإنما ضيّع حقّه، من لم يرفق به: وآس بين الناس في لحظك وطرفك، وعليك بالصلح بين الناس ما لم يتبين لك فصل القضاء.
العتبي قال: تنازع إبراهيم بن المهديّ هو وبختيشوع الطبيب بين يدي أحمد بن أبي دواد القاضي في مجلس الحكم في عقار بناحية السّواد؛ فزرى عليه ابن المهدي وأغلظ له بين يدي أحمد بن أبي دواد، فأحفظه ذلك «1» ، فقال: يا إبراهيم، إذا نازعت أحدا في مجلس الحكم فلا أعلمن أنك رفعت عليه صوتا، ولا أشرت إليه بيد، وليكن قصدك أمما، وطريقك نهجا، وريحك ساكنة؛ ووفّ مجالس الحكومة حقوقها مع التوقير والتعظيم والتوجيه إلى الواجب؛ فإن ذلك اشبه بك، وأشكل لمذهبك في محتدك «2» وعظم خطرك؛ ولا تعجل؛ فربّ عجلة تهب ريثا. والله يعصمك من الزلل، وخطل القول والعمل «3» ، ويتم نعمته عليك كما أتمها على أبويك من قبل، إن ربك حكيم عليم. قال إبراهيم: أصلحك الله، أمرت بسداد، وحضضت على رشاد. ولست بعائد إلى ما يثلم مروءتي عندك «4» ، ويسقطني من عينك، ويخرجني عن مقادر الواجب إلى الاعتذار؛ فها أنذار معتذر إليك من هذه البادرة اعتذار مقرّ بذنبه، باخع «5» بجرمه وتلك عادة عندنا منك، وحسبنا الله ونعم الوكيل. وقد وهبت حقي من هذا العقار لبختيشوع! فليت ذلك يقوم بأرش «6» الجناية؛ ولن يتلف مال أفاد موعظة، وبالله التوفيق.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید