المنشورات

صفة الحروب

الحرب: رحى، ثفالها «1» الصبر؛ وقطبها المكر، ومدارها الاجتهاد، وثقافها الأناة «2» ، وزمامها الحذر. ولكل شيء من هذه ثمرة: فثمرة المكر الظفر، وثمرة الصبر التأييد، وثمرة الاجتهاد التوفيق، وثمرة الأناة اليمن، وثمرة الحذر السلامة؛ ولكل مقام مقال، ولكل زمان رجال والحرب بين الناس سجال «1» ، والرأي فيها أبلغ من القتال.
قال عمر بن الخطاب لعمرو بن معد يكرب: صف لنا الحرب. قال: مرّة المّذاق، إذا كشفت عن ساق؛ من صبر فيها عرف، ومن نكل عنها تلف، ثم أنشأ يقول:
الحرب أوّل ما تكون فتيّة ... تسهى بزينتها لكلّ جهول
حتى إذا حميت وشبّ ضرامها ... عادت عجوزا غير ذات خليل «2»
شمطاء جزّت رأسها وتنكّرت ... مكروهة للشّمّ والتقبيل «3»
وقيل لعنترة الفوارس: صف لنا الحرب. فقال: أوّلها شكوى، وأوسطها نجوى، وآخرها بلوى.
وقال الكميت:
والناس في الحرب شتّى وهي مقبلة ... ويستوون إذا ما أدبر القبل
كلّ بأمسيّها طبّ مولّية ... والعالمون بذي غدويّها قلل «4»
وقال نصر بن سيار صاحب خراسان يصف الحرب ومبتدأ أمرها:
أرى خلل الرّماد وميض نار ... ويوشك أن يكون له ضرام
فإنّ النّار بالعودين تذكى ... وإنّ الحرب أولها الكلام
من حكمة لسليمان
: وفي حكمة سليمان بن داود عليهما السلام: الشر حلو أوله، مرّ آخره.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید