المنشورات

وصف السلاح

درع عليّ
: كانت درع عليّ صدرا لا ظهر لها، فقيل له في ذلك؛ فقال: إذا استمكن عدوّي من ظهري فلا يبق.
ورؤي الجراح بن عبد الله قد ظاهر بين درعين، فقيل له في ذلك؛ فقال: لست أقي بدني وإنما أقي صبري «3» .
واشترى زيد بن حاتم أدراعا وقال: إني لست أشتري أدراعا وإنما أشتري أعمارا.
وقال حبيب بن المهلّب لبنيه: لا يقعدنّ أحدكم في السوق، فإن كنتم لا بدّ فاعلين، فإلى زراد، أو سرّاج، أو ورّاق.
بين عمر بن الخطاب وعمرو بن معد يكرب في الصمصامة
: العتبي قال: بعث عمر بن الخطاب إلى عمرو بن معد يكرب أن يبعث إليه بسيفه المعروف بالصّمصامة، فبعث به إليه، فلما ضرب به وجده دون ما كان يبلغه عنه، فكتب إليه في ذلك، فرّد عليه: إنما بعثت إلى أمير المؤمنين بالسيف، ولم أبعث بالساعد الذي يضرب به.
وسأله عمر بن الخطاب يوما عن السلاح، فقال: يسأل أمير المؤمنين عما بدا له.
قال: ما تقول في التّرس؟ قال: هو المجنّ الدائر، وعليه تدور الدوائر. قال: فما تقول في الرّمح؟ قال: أخوك وربما خانك فانقصف. قال: فالنّبل؟ قال: منايا تخطي وتصيب. قال: فما تقول في الدّرع؟ قال: مثقلة للراجل، متعبة للفارس، وإنها لحصن حصين. قال: فما تقول في السيف؟ قال: هناك لا أمّ لك يا أمير المؤمنين، فضربه عمر بالدّرة وقال: بل لا أمّ لك. قال: الحمى أضرعتني لك «1» .
لابن يامين في الصمصامة
: الهيثم بن عدي قال: وصف سيف عمرو بن معد يكرب الذي يقال له الصّمصامة لموسى الهادي، فدعا به فوضع بين يديه مجرّدا، ثم قال لحاجبه: إيذن للشعراء. فلما دخلوا أمرهم أن يقولوا فيه، فبدرهم ابن يامين «2» فقال:
حاز صمصامة الزّبيديّ عمرو ... من جميع الأنام موسى الأمين
سيف عمرو وكان فيما سمعنا ... خير ما أغمدت عليه الجفون
أخضر المتن بين حدّيه نور ... من فرند تمتدّ فيه العيون
أوقدت فوقه الصواعق نارا ... ثم ساطت به الذّعاف القيون «3»
فإذا ما سللته بهر الشم ... س ضياء فلم تكد تستبين
فكأنّ الفرند والرّونق الجا ... ري في صفحتيه ماء معين
وكأن المنون نيطت إليه ... فهو من كل جانبيه منون «1»
نعم مخراق ذي الحفيظة في الهي ... جاء يسطو به ونعم القرين
ما يبالي من انتضاه لحرب ... أشمال سطت به أم يمين
فأمر له ببدرة وخرجوا.
الزبير بن العوام وسيف
: وضرب الزبير بن العوام يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة فقطّه إلى القربوس؛ فقالوا: ما أجود سيفك! فغضب- يريد أن العمل ليده لا لسيفه- وقال:
متى تلقني يعدو ببزّي مقلّص ... كميت بهيم أو أغرّ محجّل «2»
تلاق امرء إن تلقه فبسيفه ... تعلّمك الأيام ما كنت تجهل
وقال أبو الشّيص:
ختلته المنون بعد اختيال ... بين صفّين من قنّا ونصّال «3»
في رداء من الصفيح صقيل ... وقميص من الحديد مذال «4»
لأبي الأغر يوصي ابنه
: وبلغ أبا الأغر التميميّ أنّ أصحابه بالبادية قد وقع بينهم شر، فوجّه إليهم ابنه الأغرّ وقال: يا بنيّ، كن يدا لأصحابك على من قاتلهم، وإياك والسيف فإنه ظلّ الموت، واتق الرّمح فإنه رشاء المنيّة «5» ، ولا تقرب السهام فإنها رسل لا تؤامر مرسلها. قال: فماذا أقاتل؟ قال: بما قال الشاعر:
جلاميد يملأن الأكفّ كأنّها ... رءوس رجال حلّقت بالمواسم
وذكر أعرابيّ قوما تحاربوا فقال: أقبلت الفحول، تمشي مشي الوعول، فلما تصافحوا بالسيوف، فغرت «1» المنايا أفواهها.
وقال آخر يذكر قوما أسروا: استنزلوهم عن الجياد بليّنة الخرصان «2» ، ونزعوهم نزع الدّلاء بالأشطان «3» .
وقال أعرابي في آخرين ابتغوا قوما أغاروا عليهم، فقال: احتثّوا كل جماليّة عيرانة «4» ، كيما يخصفون أخفاف المطيّ بحوافر الخيل، حتى أدركوهم بعد ثالثة، فجعلوا المرّان أرشية المنايا فاستقوا بها أرواحهم.
ومن أحسن ما قيل في السيف قول حبيب:
ونبّهن مثل السيف لو لم تسلّه ... يدان لسلّته ظباه من الغمد
وقال في صفة الرماح:
مثقّفات سلبن الروم زرقتها ... والعرب ألوانها والعاشق القضفا «5»
ومن الإفراط القبيح قول النابغة في وصف السيف:
يقدّ السّلوقيّ المضاعف نسجه ... ويوقد في الصّفّاح نار الحباحب «6»
فذكر أنه يقدّ الدرع المضاعف نسجه، والفارس، والفرس، ويقع بها في الأرض فيقدح النار من الحجارة.
وأقبح منه في الإفراط قول الآخر:
تظل تحفر عنه إن ضربت به ... بعد الذراعين والقيدين والهادي «7»
وقد جمع العلويّ وصف الخيل والسلاح كله فأحسن وجوّد حيث يقول:
بحسبي من مالي من الخيل أعيط ... سليم الشّظى عاري النّواهق أمعط «1»
وأبيض من ماء الحديد مهنّد ... وأسمر عسّال الكعوب عنطنط «2»
وبيضاء كالضّحضاح زغف مفاضة ... يكفّتها عنّي نجاد مخطّط «3»
ومعطوفة الأطراف كبداء سمحة ... منفّجة الأعضاد صفراء شوحط «4»
فيا ليت مالي غير ما قد جمعته ... على لجّة تيّارها يتغطغط «5»
ويا ليتني أمسي على الدّهر ليلة ... وليس على نفسي أمير مسلّط
لابن عبد ربه
: ومن قولنا في وصف الرمح والسيف:
بكلّ ردينيّ كأنّ سنانه ... شهاب بدا في ظلمة اللّيل ساطع
تقاصرت الآجال في طول متنه ... وعادت به الآمال وهي فجائع
وساءت ظنون الحرب في حسن ظنّه ... فهنّ ظبات للقلوب قوارع «6»
وذي شطب تقضي المنايا بحكمه ... وليس لما تقضي المنيّة دافع
فرند إذا ما اعتنّ للعين راكد ... وبرق إذا ما اهتز بالكفّ لامع
يسلّل أرواح الكماة انسلاله ... ويرتاع منه الموت والموت رائع
إذا ما التقت أمثاله في وقيعة ... هنالك ظنّ النفس بالنفس واقع
ومن قولنا في وصف السيف:
بكلّ مأثور على متنه ... مثل مدب النّمل بالقاع
يرتدّ طرف العين من حدّه ... عن كوكب للموت لمّاع
وقال إسحاق بن خلف البهراني في صفة السيف:
ألقى بجانب خصره ... أمضي من الأجل المتاح
وكأنما ذرّ الهبا ... عليه أنفاس الرّياح «1»
ومن جيد صفات السيف قول الغنوي:
حسام غداة الرّوع ماض كأنّه ... من الله في قبض النفوس رسول
كأنّ على إفرنده موج لجّة ... تقاصر في ضحضاحه وتطول
كأنّ جيوش الذّرّ كسّرن فوقه ... قرون جراد بينهن ذحول «2»










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید