المنشورات

زياد والخوارج

: ثم عاد الناس إلى زياد، فقال: ألا ينهى كلّ قوم سفهاءهم؟ فكانت القبائل إذا أحست بخارجي فبهم أوثقوه وأتوا به زيادا، منهم من يحبسه ومنهم من يقتله.
ولزياد أخرى في الخوارج: أنه أتي بامرأة منهم، فقتلها ثم عرّاها، فلم تخرج النساء إلا بعد زياد، وكنّ إذا أرغمن على الخروج قلن: لولا التّعرية لسارعنا.
ومن مشاهير فرسان الخوارج: عمرو القنا، من بني سعد بن زيد مناة؛ وعبيدة بن هلال، من بني يشكر بن بكر بن وائل، وهو الذي طعن صاحب المهلّب في فخذه؛ فشكّها مع السرج؛ وهما اللذان يقول فيهما ابن المنجب السدوسي من فرسان المهلّب، وكان قال له مولاه خلاج: وددت أنّا فضضنا عسكرهم حتى أصير إلى مستقرّهم فأستلب منه جاريتين، إحداهما لك والأخرى لي:
أخلاج إنك لن تعانق طفلة ... شرقا بها الجاديّ كالتّمثال «1»
حتى تعانق في الكتيبة معلما ... عمرو القنا وعبيدة بن هلال «2»
وترى المقعطر في الكتيبة مقدما ... في عصبة قسطوا مع الضّلّال «3»
والمقعطر: من مشاهير فرسانهم، وقطريّ، أنجدهم قاطبة؛ وصالح بن مخراق، من بهمهم، وكذلك سعد الطلائع.
للمهلب في نفر من الخوارج
: ولما اختلف أمر الخوارج وانحاز قطريّ فيمن معه وبقي عبد ربّه، قال المهلّب لأصحابه: إن الله تعالى قد أراحكم من أقران أربعة: قطريّ بن الفجاءة، وصالح بن مخراق، وعبيدة بن هلال، وسعد الطلائع؛ وإنما بين أيديكم عبد ربه في خشار «1» من خشار الشيطان.
تعطش الخوارج إلى القتال
: وكانت الخوارج تقاتل على السوط يؤخذ منها والعلق الخسيس «2» أشدّ قتال، وسقط في بعض أيامهم رمح لرجل من مراد من الخوارج، فقاتلوا عليه حتى كثر الجراح والقتل، وذلك مع المغرب، والمرادي يرتجز:
الّليل ليل فيه ويل ويل ... وسال بالقوم الشّراة السّيل
إن جاز للأعداء فينا قول
وتفرقت مقالة الخوارج على أربعة أضرب: فقال نافع بن الأزرق: باستعراض الناس والبراءة من عثمان وعليّ وطلحة والزبير، واستحلال الأمانة وقتل الأطفال.
وقال أبو بيهس هيصم بن جابر الضّبعيّ: إن أعداءنا كأعداء الرسول صلّى الله عليه وسلّم: يحلّ لنا المقام فيهم كما أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأقام المسلمون بين المشركين. وأقول: إن مناكحتهم ومواريثهم تجوز، لأنهم منافقون يظهرون الإسلام وإن حكمهم عند الله حكم المشركين.
وقال عبد الله بن إباض: لا نقول فيمن خالفنا إنه مشرك، لأن معهم التوحيد
والإقرار بالكتاب والرسول، وإنما هم كفّار للنّعم، ومواريثهم ومناكحهم والإقامة معهم: حلّ، ودعوة الإسلام تجمعهم.
وقالت الصّفريّة بقول عبد الله بن إباض، ورأت القعود، حتى صار عامتهم قعدا، وإنما سمّوا صفرية لاصفرار وجوههم، وقيل: لأنهم أصحاب ابن الصّفّار.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید