المنشورات

من مدح أميرا فخيبه

قال سعيد بن سلم: مدحني أعرابيّ فأبلغ، فقال:
ألا قل لساري الّليل لا تخش ضلّة ... سعيد بن سلم نور كلّ بلاد
لنا سيّد أربى على كلّ سيد ... جواد حثا في وجه كل جواد
قال: فتأخّرت عنه قليلا، فهجاني فأبلغ، فقال:
لكلّ أخي مدح ثواب علمته ... وليس لمدح الباهلّي ثواب
مدحت سعيدا والمديح مهزّة «3» ... فكان كصفوان عليه تراب
ومدح الحسن بن رجاء أبا دلف فلم يعطه شيئا؛ فقال:
أبا دلف ما أكذب الناس كلّهم ... سواي فإنّي في مديحك أكذب
وقال آخر في مثل هذا المعنى:
إنّي مدحتك كاذبا فأثبتني ... لمّا مدحتك ما يثاب الكاذب
وقال آخر في مثل هذا المعنى:
لئن أخطأت في مدحك ما أخطأت في منعي
لقد أحللت حاجاتي ... بواد غير ذي زرع
ومدح حبيب الطائي عيّاش بن لهيعة، وقدم عليه مصر واستسلفه مائتي مثقال، فشاور فيها زوجته، فقالت له: هو شاعر، يمدحك اليوم ويهجوك غدا؛ فاعتلّ عليه واعتذر إليه ولم يقض حاجته، فقال فيه:
عيّاش، إنّك للئيم وإنّني ... مذ صرت موضع مطلبي للئيم
ثم هجاه حتى مات، وهجاه بعد موته فقال فيه:
لا سقيت أطلالك الدّاثرة ... ولا انقضت عثرتك العاثره
يا أسد الموت تخلّصته ... من بين فكّي أسد القاصره «1»
لابن عبد ربه
: ومن قولنا في هذا المعنى- وسألت بعض موالي السلطان إطلاق محبوس فتلكأ فيه، فقلت:
حاشا لمثلك أن يفكّ أسيرا ... أو أن يكون من الزّمان مجيرا
ليست قوافي الشّعر فيك مدارعا ... سودا وضلّت أوجها وصدورا
هلّا عطفت برحمة لما دعت ... ويلا عليك مدائحي وثبورا «2»
لو أنّ لؤمك عاد جودا عشره ... ما كان عندك حاتم مذكورا
ربيعة الرقي ويزيد بن حاتم
: قال: ومدح ربيعة الرقي يزيد بن حاتم الأزدي، وهو والي مصر، فاستبطأه ربيعة، فشخص عنه من مصر وقال:
أراني ولا كفران لله راجعا ... بخفّي حنين من نوال ابن حاتم «1»
فبلغ قوله يزيد بن حاتم، فأرسل في طلبه فردّ إليه. فلما دخل عليه قال له: أنت القائل:
أراني ولا كفران لله راجعا
قال: نعم. قال: فهل قلت غير هذا؟ قال: لا والله. قال: لترجعن بخفّي حنين مملوءة مالا فأمر بخلع نعليه وملئت له مالا؛ فقال فيه لما عزل عن مصر وولي يزيد بن أسيد السّلمي مكانه:
بكى أهل مصر بالدّموع السّواجم ... غداة غدا منها الأغرّ ابن حاتم «2»
وفيها يقول:
لشتّان ما بين اليزيدين في الندى ... يزيدين سليم والأغرّ ابن حاتم
فهمّ الفتى الأزديّ إنفاق ماله ... وهمّ الفتى القيسي جمع الدّراهم
فلا يحسب التّمتام أنّي هجوته ... ولكنّني فضّلت أهل المكارم «3»












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید