المنشورات
هشام وأبو النجم
: وذكروا عن أبي النجم العجلي أنه أنشد هشاما شعره الذي يقول فيه:
الحمد لله الوهوب المجزل
وهو من أجود شعره، حتى انتهى إلى قوله:
والشمس في الجوّ كعين الأحول
وكان هشام أحول، فأغضبه ذلك، فأمر به فطرد. فأمّل أبو النجم رجعته، فكان يأوي إلى المسجد، فأرق هشام ذات ليلة فقال لحاجبه: أبغني رجلا عربيا فصيحا يحدّثني وينشدني. فطلب له ما سأل، فوجد أبا النجم، فأتى به، فلما دخل عليه قال:
أين تكون منذ أقصيناك؟ قال: حيث ألفاني رسولك. قال: فمن كان أبا النجم مثواك؟ قال: رجلين، أتغدّى عند أحد هما وأتعشّى عند الآخر. قال: فما لك من الولد؟ قال: ابنتان، قال أزوجتهما؟ قال: زوّجت إحدا هما. قال: فبم أوصيتها ليلة أهديتها؟ قال: قلت لها:
سبّي الحماة وابهتي عليها ... وأن أبت فازدلفي إليها «1»
ثم اقرعي بالعود مرفقيها ... وجدّدي الخلف به عليها
لا تخبري الدهر بذاك ابنيها
فقال: فهل أوصيتها بعد هذا؟ قال: نعم.
أوصيت من برّة قلبا برّا ... بالكلب خيرا والحماة شرّا
لا تسأمي خنقا لها وجرّا ... والحيّ عمّيهم بشرّ طرّا
وإن كسوك ذهبا ودرّا ... حتى يروا حلو الحياة مرّا
قال هشام: ما هكذا أوصى يعقوب ولده. قال أبو النجم: ولا أنا كيعقوب، ولا ولدي كولده. قال: فما حال الأخرى؟ قال هي ظلامة التي أقول فيها:
كأنّ ظلامة أخت شيبان ... يتيمة ووالداها حيّان
الرّأس قمل كلّه وصئبان ... وليس في الرجلين إلّا خيطان
فهي التي يذعر منها الشّيطان
قال هشام لحاجبه: ما فعلت بالدنانير التي أمرتك بقبضها؟ قال: هي عندي، وهي خمسمائة دينار. قال له: ادفعها لأبي النّجم ليجعلها في رجلي ظلامة مكان الخيطين.
مصادر و المراجع :
١- العقد الفريد
المؤلف: أبو عمر،
شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد
ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)
الناشر: دار
الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى،
1404 هـ
5 مايو 2024
تعليقات (0)