المنشورات

المنصور وابن هرمة

: الربيع حاجب المنصور قال: قلت يوما للمنصور: إن الشعراء ببابك وهم كثيرون، طالت أيامهم ونفدت نفقاتهم. فقال: اخرج إليهم فاقرأ عليهم السلام، وقل لهم من مدحني منكم فلا يصفني بالأسد، فإنما هو كلب من الكلاب؛ ولا بالحيّة، فإنما هي دويّبة منتنة تأكل التراب؛ ولا بالجبل، فإنما هو حجر أصم؛ ولا بالبحر، فإنما هو غطامط لجب «2» ؛ ومن ليس في شعره هذا فليدخل؛ ومن كان في شعره فلينصرف. فانصرفوا كلهم إلا إبراهيم بن هرمة، فإنه قال له. أنا له يا ربيع، فأدخلني. فأدخله، فلما مثل بين يديه، قال المنصور: يا ربيع، قد علمت أنه لا يجيبك أحد غيره؛ هات يا بن هرمة. فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
له لحظات عن حفافي سريره ... إذا كرّها فيها عذاب ونائل
لهم طينة بيضاء من آل هاشم ... إذا اسودّ من كوم التراب القبائل
إذا ما أبى شيئا مضى كالذي أبى ... وإن قال إنّي فاعل فهو فاعل
فقال: حسبك! ها هنا بلغت، هذا عين الشعر، قد أمرت لك بخمسة آلاف درهم. فقمت إليه وقبلت رأسه وأطرافه ثم خرجت، فلما كدت أن أخفى على عينيه سمعته يقول: يا إبراهيم! فأقبلت إليه فزعا، فقلت: لبيك فداك أبي وأمي. قال:
احتفظ بها فليس لك عندنا غيرها! فقلت: بأبي وأمي أنت، أحفظها حتى أوافيك بها على الصراط بخاتم الجهبذ «1» .












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید