المنشورات

فرش الكتاب الوفود

قال الفقيه أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربّه:
قد مضى قولنا في الأجواد والأصفاد «1» على مراتبهم ومنازلهم، وما جروا عليه، وما ندبوا إليه من الأخلاق الجميلة، والأفعال الجزيلة. ونحن قائلون بعون الله وتوفيقه في الوفود الذين وفدوا على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعلى الخلفاء والملوك؛ فإنها مقامات فضل، ومشاهد حفل؛ يتخيّر لها الكلام، وتستهذب الألفاظ، وتستجزل المعاني. ولا بد للوافد عن قومه أن يكون عميدهم وزعيمهم الذي عن قوّته ينزعون «2» ، وعن رأيه يصدرون؛ فهو واحد يعدل قبيلة، ولسان يعرب عن ألسنة، وما ظنّك بوافد قوم يتكلّم بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلّم أو خليفته، أو بين يدي ملك جبار في رغبة أو رهبة، فهو يوطد لقومه مرّة ويتحفّظ من أمامه أخرى. أتراه مدّخرا نتيجة من نتائج الحكمة، أو مستبقيا غريبة من غرائب الفطنة؛ أم تظن القوم قدّموه لفضل هذه الخطة إلا وهو عندهم في غاية الحذلقة «3» والّلسن، ومجمع الشعر والخطابة. ألا ترى أنّ قيس بن عاصم المنقريّ لمّا وفد على النبي صلّى الله عليه وسلّم بسط له رداءه وقال: هذا سيد الوبر. ولما توفي قيس بن عاصم قال فيه الشاعر «4» :
عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحّما
تحيّة من ألبسته منك نعمة ... إذا زار عن شحط بلادك سلّما «1»
وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدّما











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید