المنشورات

وفود الشعبي على عبد الملك بن مروان

كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف: أن ابعث إليّ رجلا يصلح للدين والدنيا، أتخذه سميرا وجليسا وخليّا. فقال الحجاج: ما ماله إلا عامر الشّعبي.
وبعث به إليه؛ فلما دخل عليه وجده قد كبا مهتما، فقال: ما بال أمير المؤمنين؟ قال ذكرت قول زهير «1» :
كأنّي وقد جاوزت سبعين حجّة ... خلعت بها عني عذار لجامي
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى ... فكيف بمن يرمى وليس برامي
فلو أنني أرمى بنبل رأيتها ... ولكنّني أرمى بغير سهام
على الراحتين تارة وعلى العصا ... أنوء ثلاثا بعدهنّ قيامي «2»
قال له الشّعبي: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كما قال لبيد بن ربيعة، وقد بلغ سبعين حجة:
كأني وقد جاوزت سبعين حجة ... خلعت بها عن منكبيّ ردائيا
خليفة الله ماذا تأمرنّ بنا ... لسنا إليكم ولا في دار منتظر
ما زلت بعدك في همّ يؤرّقني ... قد طال في الحيّ إصعادي ومنحدري
لا ينفع الحاضر المجهود بادينا ... ولا يعود لنا باد على حضر
إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ... من الخليفة ما نرجو من المطر
نال الخلافة إذ كانت له قدرا ... كما أتى ربّه موسى على قدر
هذى الأرامل قد قضّيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذّكر
فقال: يا جرير، والله لقد وليت هذا الأمر وما أملك إلا ثلاثمائة، فمائة أخذها عبد الله، ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام أعطه المائة الباقية.
فقال: والله يا أمير المؤمنين، إنها لأحبّ مال إليّ كسبته. ثم خرج، فقالوا له: ما وراءك؟ قال ما يسوءكم! خرجت من عند أمير يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض. ثم أنشأ يقول:
رأيت رقى الشيطان لا تستفزّه ... وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید