المنشورات

وفود جرير على عبد الملك بن مروان

لما مدح جرير بن الخطفي الحجّاج بن يوسف بشعره الذي يقول فيه:
من سدّ مطّلع النّفاق عليكم ... أم من يصول كصولة الحجّاج
وبشعره الذي يقول فيه:
أم من يغار على النّساء حفيظة ... إذ لا يثقن بغيرة الأزواج «2»
وقوله:
دعا الحجّاج مثل دعاء نوح ... فأسمع ذا المعارج فاستجابا
قال له الحجاج: إن الطاقة تعجز عن المكافأة، ولكني موفدك على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، فسر إليه بكتابي هذا فسار إليه؛ ثم استأذنه في الإنشاد فأذن له، فقال:
أتصحو أم فؤادك غير صاحي قال له عبد الملك: بل فؤادك. فلما انتهى إلى قوله:
تعزّت أمّ حزرة ثم قالت: ... رأيت الواردين ذوي امتياج «1»
ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنّجاح
سأشكر إن رددت إليّ ريشي ... وأثبتّ القوادم في جناحي «2»
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
ارتاح عبد الملك، وكان متكئا فاستوى جالسا، وقال: من مدحنا منكم فليمدحنا بمثل هذا أو ليسكت! ثم قال له: يا جرير، أترى أم حزرة ترويها مائة ناقة؟؟؟ نعم كلب؟ قال: إذا لم تروها يا أمير المؤمنين فلا أرواها الله. فأمر له بمائة ناقة من نعم كلب. كلها سود الحدقة. فقال: يا أمير المؤمنين، إنها أبّاق «3» ونحن مشايخ وليس بأحدنا فضل عن راحلته، فلو أمرت بالرّعاء. فأمر له بثمانية من الرعاء، وكانت بين يدي عبد الملك صحاف من فضة يقرعها بقضيب في يده، فقال له جرير: والمحلب يا أمير المؤمنين، وأشار إلى صحفة منها؛ فنبذها إليه بالقضيب، قال: خذها لا نفعتك! ففي ذلك يقول جرير.
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ... ما في عطائهم من ولا سرف «4»













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید