المنشورات

المأمون وإبراهيم بن المهدي:

لما ظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي، وهو الذي يقال له ابن شكلة، أمر بإدخاله عليه. فلما مثل بين يديه قال: وليّ الثأر محكم في القصاص، والعفو أقرب للتقوى، [والقدرة تذهب الحفيظة، ومن مدّ له الاعتذار في الأمل هجمت به الأناة على التلف] «3» ؛ وقد جعل الله كلّ ذنب دون عفوك، فإن صفحت فبكرمك، وإن أخذت فبحقّك.
قال المأمون: إني شاورت أبا إسحاق والعبّاس في قتلك، فأشارا عليّ به.
قال: أما أن يكونا قد نصحاك في عظم قدر الملك ولما جرت عليه عادة السياسة، فقد فعلا؛ ولكنك أبيت أن تستجلب النصر إلا من حيث عوّدك الله. ثم استعبر باكيا.
قال له المأمون: ما يبكيك.
قال: جذلا، إذ كان ذنبي إلى من هذه صفته. ثم قال: يا أمير المؤمنين، إنه وإن كان جرمي يبلغ سفك دمي، فحلم أمير المؤمنين وتفضّله يبلغاني عفوه، ولي بعدهما شفاعة الإقرار بالذنب، وحرمة الأب بعد الأب.
قال المأمون: لو لم يكن في حقّ نسبك ما يبلغ الصفح عن زلّتك، لبلّغك إليه حسن توصلك ولطف تنصّلك.
فكان تصويب إبراهيم لرأي أبي إسحق والعباس ألطف في طلب الرضا ودفع المكروه عن نفسه من تخطئتهما.














مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید