المنشورات

المأمون وإسحاق بن العباس:

وقال المأمون لإسحاق بن العباس: لا تحسبني أغفلت إجلابك مع ابن المهلّب وتأييدك لرأيه وإيقادك لناره.
قال: يا أمير المؤمنين، والله لإجرام قريش إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعظم من جرمي إليك، ولرحمي أمسّ من أرحامهم، وقد قال كما قال يوسف لإخوته: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
«1» وأنت يا أمير المؤمنين أحقّ وارث لهذه المنة وممتثل بها.
قال: هيهات. تلك أجرام جاهلية عفا عنها الإسلام، وجرمك جرم في إسلامك وفي دار خلافتك.
قال: يا أمير المؤمنين، فو الله للمسلم أحقّ بإقالة العثرة وغفران الزّلة من الكافر، هذا كتاب الله بيني وبينك. يقول الله تعالى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
«2» فهي للناس يا أمير المؤمنين سنّة دخل فيها المسلم والكافر، والشريف والمشروف.
قال: صدقت. اجلس. وريت بك زنادي «3» ، فلا قدح ناري من الغابرين «4» من أهلك أمثالك.
العتبي عن أبيه قال: قبض مروان بن محمد بن معاوية بن عمر بن عتبة ما له بالفرسان «1» فقال: إني قد وجدت قطيعة عمك لأبيك «إني أقطعتك بستاني» .
والبستان لا يكون إلا عامرا، وأنا مسلم إليك الغامر «2» وقابض منك العامر. فقال:
يا أمير المؤمنين، إن سلفك الصالح لو شهدوا مجلسنا هذا كانوا شهودا على ما ادعيته، وشفعاء فيما طلبته، يسألونك بإحسانك إليّ مكافأة إحسان سلفي إليهم فشفع فينا الأموات، وأحفظ منا القرابات، واجعل مجلسك هذا مجلسا يلزم من بعدنا شكره. قال: لا والله، إلا أن أجعلها طعمة مني لك، لا قطيعة من عمك لأبيك.
قال: قد قبلت ذلك. ففعل.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید