المنشورات

لعبد الملك بن صالح بعد خروجه من السجن:

إبراهيم بن السّندي قال: سمعت عبد الملك بن صالح يقول بعد إخراج المخلوع له من الحبس، وذكر الرشيد وفعله به، فقال: والله إن الملك لشيء ما نويته ولا تمنّيته، ولا نصبت له ولا أردته، ولو أردته لكان إليّ أسرع من الماء إلى الحدور «3» ، ومن النار إلى يبس العرفج «4» ؛ وإني لمأخوذ بما لم أجن، ومسئول عما لم أعرف، ولكن حين رآني للملك قمينا «5» ، وللخلافة خطيرا، ورأى لي يدا تنالها إذا مدّت، وتبلغها إذا بسطت، ونفسا تكمل لخصالها، وتستحقها بفعالها- وإن كنت لم أجن تلك الخصال، ولم أصطنع تلك الفعال، ولم أترشّح لها في السر، ولا أشرت إليها في الجهر- ورآها تحنّ إليّ حنين الوالدة الوالهة، وتميل ميل الهلوك؛ وخاف أن ترغب إلى خير مرغب، وتنزع إلى أخصب منزع، عاقبني عقاب من سهر في طلبها، وجهد في التماسها، فإن كان إنما حسبني أني أصلح لها وتصلح لي، وأليق بها وتليق بي، فليس ذلك بذنب جنيته فأتوب منه، ولا تطاولت له فأحطّ نفسي عنه؛ وإن زعم أنه لا صرف لعقابه، ولا نجاة من عذابه، إلا أن أخرج له من حدّ العلم والحلم والحزم؛ فكما لا يستطيع المضياع أن يكون مصلحا، كذلك لا يستطيع العاقل أن يكون جاهلا.
وسواء عليه أعاقبني على علمي وحلمي، أم عاقبني على نسبي وسني، وسواء عليه عاقبني على جمالي أو عاقبني على محبة الناس لي. ولو أردتها لأعجلته عن التفكير، وشغلته عن التدبير، ولما كان فيها من الخطب إلا اليسير.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید