المنشورات

العباس بن سهل وعثمان بن حيان:

أبو الحسن المدائني قال: كان العباس بن سهل والي المدينة لعبد الله بن الزبير، فلما بايع الناس عبد الملك بن مروان، ولّى عثمان بن حيّان المرّي وأمره بالغلظة على أهل الظنّة «1» . فعرض يوما بذكر الفتنة وأهلها، فقال له قائل: هذا العباس بن سهل على ما فيه، كان مع الزبير وعمل له. فقال عثمان بن حيّان: ويلي! والله لأقتلنّه.
قال العبّاس: فبلغني ذلك، فتغيّبت حتى أضرّ بي التغيّب، فأتيت ناسا من جلسائه فقلت لهم: مالي أخاف وقد أمّنني عبد الملك بن مروان؟ فقالوا: والله ما يذكرك إلا تغيّظ عليك، وقلّما كلّم على طعامه في ذنب إلا انبسط، فلو تنكّرت وحضرت عشاءه وكلمته.
قال: ففعلت، وقلت على طعامه، وقد أتي بجفنة ضخمة ذات ثريد ولحم: «والله لكأني أنظر إلى جفنة حيّان بن معبد، والناس يتكاوسون «2» عليها، وهو يطوف في حاشيته يتفقّد مصالحها، يسحب أردية الخزّ، حتى إن الحسك ليتعلق به فما يميطه «3» ، ثم يؤتى بجفنة تهادى بين أربعة ما يستقلّون بها إلا بمشقّة وعناء، وهذا بعد ما يفرغ الناس من الطعام ويتنّحون عنه، فيأتي الحاضر من أهله، والطاريء من أشراف قومه، وما بأكثرهم من حاجة إلى الطعام، وما هو إلا الفخر بالدنوّ من مائدته والمشاركة ليده.
قال: هيه! أنت رأيت ذلك؟ قلت: أجل والله. قال لي: من أنت؟ قلت: وأنا آمن؟ قال: نعم. قلت: العباس بن سهل بن سعد الأنصاري. قال: مرحبا وأهلا، أهل الشرف والحق. قال: فلقد رأيتني بعد ذلك وما بالمدينة رجل أوجه مني عنده.
فقيل له بعد ذلك: أنت رأيت حيّان بن معبد يسحب أردية الخز ويتكاوس الناس على مائدته؟ فقال: والله لقد رأيته ونزلنا ذلك الماء وغشينا وعليه عباءة ذكوانيّة، فلقد جعلنا نذوده عن رحلنا مخافة أن يسرقه.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید