المنشورات

فضيلة العفو الترغيب

المأمون وصاحب وضوئه:
كان للمأمون خادم، وهو صاحب وضوئه. فبينما هو يصب الماء على يديه إذ سقط الإناء من يده، فاغتاظ المأمون عليه. فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله يقول:
وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ
«2» . قال: قد كظمت غيظي عنك. قال: وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ
«3» . قال: قد عفوت عنك. قال: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
«4» . قال: اذهب فأنت حر.
ابن حيوة وعمر ابن عبد العزيز في رجل عوقب:
أمر عمر بن عبد العزيز بعقوبة رجل، فقال له رجاء بن حيوة يا أمير المؤمنين، إن الله قد فعل ما تحبّ من الظّفر؛ فافعل ما يحبّه من العفو.
عبد الله بن علي وعبد الله بن حسن في قتل بني أمية:
الأصمعي قال: عزم عبد الله بن عليّ على قتل بني أمية بالحجاز. فقال له عبد الله ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم: إذا أسرعت بالقتل في أكفائك فمن تباهي بسلطانك؟ فاعف يعف الله عنك.
ابن خريم والمهدي:
دخل ابن خريم على المهدي، وقد عتب على بعض أهل الشام وأراد أن يغزيهم جيشا، فقال يا أمير المؤمنين، عليك بالعفو عن الذنب، والتجاوز عن المسيء، فلأن تطيعك العرب طاعة محبّة، خير لك من أن تطيعك طاعة خوف.
المهدي وابن السّماك في رجل أمر بضرب عنقه:
أمر المهدي بضرب عنق رجل، فقام إليه ابن السماك فقال: إن هذا الرجل لا يجب عليه ضرب العنق. قال: فما يجب عليه؟ قال: تعفو عنه، فإن كان من أجر كان لك دوني، وإن كان من وزر كان عليّ دونك. فخلّى سبيله.
الشعبي وابن هبيرة في محبوسين:
كلّم الشعبيّ ابن هبيرة في قوم حبسهم فقال: إن كنت حبستهم بباطل فالحقّ يطلقهم، وإن كنت حبستهم بحقّ فالعفو يسعهم.
أبو سفيان وحيّان من قريش بينهما دماء:
العتبي قال: وقعت دماء بين حيّين من قريش، فأقبل أبو سفيان؛ فما بقي أحد واضع رأيه إلا رفعه. فقال: يا معشر قريش، هل لكم في الحق أو فيما هو أفضل من الحق؟ قالوا: وهل شيء أفضل من الحق؟ قال: نعم، العفو. فتهادن القوم واصطلحوا.
وقال هزيم بن أبي طحمة ليزيد بن عاتكة بعد ظفره بيزيد بن المهلب: ما ظلم أحد ظلمك، ولا نصر نصرك؛ فهل لك في الثالثة نقلها؟ قال: وما هي؟ قال: ولا عفا عفوك.
أبو جعفر وابن فضالة في رجل معاقب:
وقال المبارك بن فضالة: كنت عند أبي جعفر جالسا في السّماط، إذ أمر برجل أن يقتل؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة مناد بين يدي الله: ألا من كانت له عند الله يد فليتقدّم فلا يتقدم إلا من عفا عن مذنب.
فأمر بإطلاقه.
وقال الأحنف بن قيس: أحقّ الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من غضب الله إذا غضب.
وتقول العرب في أمثالها: ملكت فأسجح. وارحم ترحم. وكما تدين تدان. ومن بر يوما برّ به.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید